للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإنْ حَلَفَ لا يُكَلِّمُه. ثم وصلَ يَمِينَه بكلامِه، مثل أَنْ قال: فتَحَقَّقْ ذلك, أو فاذْهَبْ. فقال أصحابُنا: يَحْنَثُ. وقال أصحابُ أبى حنيفةَ: لا يَحْنَثُ بالقليلِ؛ لأَنَّ هذا تمامُ الكلامِ الأوَّلِ، والذى يَقْتَضِيه يَمِينُه أَنْ (٢٨) لا يُكَلِّمَه كلامًا مُسْتأْنَفًا. واحتجَّ أصحابُنا بأنَّ هذا القليلَ كلامٌ منه له حَقِيقَةً، وقد وُجِدَ بعدَ يَمِينِه، فيَحْنَثُ (٢٩) به، كما لو فَصَلَه، ولأنَّ ما يَحْنَثُ به إذا فَصَلَه، يَحْنَثُ به إذا وَصَلَه، كالكثيرِ. وقَوْلُهم: إِنَّ اليَمِينَ يَقْتَضِى خِطابًا مُسْتأْنَفًا. قُلْنا: هذا الخطابُ مُسْتَأْنَفٌ، غيرُ الأوَّلِ، بدليلِ أنَّه لو قَطَعَه حَنِثَ به. وقياسُ المذهبِ أنَّه لا يَحْنَثُ؛ لأنَّ قرينةَ صِلَتِه هذا الكلامَ بيَمِينِه، تَدُلُّ على إرادَةِ كلامٍ يَسْتَأْنِفُه بعدَ انْقِضاءِ هذا الكلامِ المُتَّصِلِ، فلا يَحْنَثُ به، كما لو وُجِدَت النِّيَّةُ حقيقَةً. وإِنْ نَوَى كلامًا غيرَ هذا، لم يحنَثْ بهذا فى المَذْهَبَيْن.

فصل: وإِنْ صلَّى بالمحْلوفِ عليه إمامًا، ثم سلَّمَ من الصلاةِ، لم يَحْنَثْ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه (٣٠) قال أبو حنيفةَ. وقال أصحابُ الشافِعِىّ: يَحْنَثُ؛ لأنَّه شُرِعَ له أَنْ يَنْوِىَ السَّلامَ على الحاضِرين. ولَنا، أنَّه قولٌ مَشْروعٌ فى الصَّلاةِ، [فلم يَحْنَثْ به] (٣١)، كتَكْبِيرِها، وليس (٣٢) نِيَّةُ الحاضِرين بسَلامِه واجِبًا (٣٣) فى السَّلامِ. وإِنْ أُرْتِجَ عليه فى الصلاةِ، ففَتَحَ عليه الحالِفُ، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّ ذلك كلامُ اللَّه تعالى، وليس بكلامِ الآدَمِيِّين.

فصل: وإِنْ حَلَفَ لا يَتَكَلَّمُ، فقرأ، لم يَحْنَثْ. وبه قال الشافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إِنْ قَرَأَ فى الصَّلاةِ، لم يَحْنَثْ، وإِنْ قرأَ خارِجًا منها، حَنِثَ؛ لأنَّه يَتَكَلَّمُ بكلامِ اللَّهِ. وانْ ذكرَ اللَّه تعالى، لم يَحْنَثْ. ومُقْتَضَى مذهبِ أبى حنيفةَ أنَّه يَحْنَثُ؛ لأنَّه كلامٌ، قال اللَّه


(٢٨) فى ب: "أنه".
(٢٩) فى ب: "فحنث".
(٣٠) فى ب: "وبهذا".
(٣١) سقط من: الأصل.
(٣٢) فى ب، م: "وليست".
(٣٣) فى ب، م: "واجبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>