للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَواءً. والثانية، لا تَحْصُلُ الرَّجْعةُ به، ويَلْزَمُها اسْتِئْنافُ عِدَّةٍ؛ لأنَّه وَطْءٌ فى نِكاحٍ تَشَعَّثَ، فهو كوَطْءِ الشُّبْهةِ. وتَدْخُلُ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطلاق فيها؛ لأنَّهما من رجلٍ واحدٍ. وإن حَمَلَتْ من هذا الوَطْءِ، فهل تدْخُلُ فيها بَقيَّةُ الأُولى؟ على وَجْهَيْن؛ أحدهما، تدْخُلُ؛ لأنَّهما (٢٢) من رجلٍ واحدٍ. والثانى، لا تدْخُلُ؛ لأنَّهما من جِنْسَيْنِ. فعلى هذا، إذا وَضَعَتْ حَمْلَها، أتَمَّتْ عِدَّةَ الطلاقِ. وإن وَطِئَها وهى حاملٌ، ففى تَدَاخُلِ العِدَّتينِ وَجْهان؛ فإن قُلْنا: يتَداخَلانِ. فانْقِضاؤُهما معًا بوَضْع الحَمْلِ. وإن قُلْنا: لا يتداخَلان. فانْقِضاءُ عِدَّةِ الطلاقِ بوَضْعِ الحملِ، وتَسْتَأنِفُ عِدَّةَ الوَطْءِ بالقُرُوءِ.

فصل: فإن طَلَّقها طلاقًا رَجْعِيًّا، فنَكحَتْ فى عِدَّتِها مَنْ وَطِئَها، فقد ذكرْنا أنَّها تَبْنِى على عِدَّةِ الأوَّلِ، ثم تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً للثَّانى (٢٣)، ولِزَوْجِها الأَوَّلِ رَجْعَتُها فى بقيَّةِ عِدَّتِها منه؛ لأنَّ الرَّجْعةَ إمْساكٌ للزَّوجةِ، وطَرَيانُ الوطءِ من أجْنَبِىٍّ على النِّكاحِ، لا يَمْنَعُ الزَّوْجَ إمساكَ زَوْجَتِه، كما لو كانتْ فى صُلْبِ النكاحِ. وقيلَ: ليس له رَجْعَتُها؛ لأنَّها مُحَرَّمةٌ عليه، فلم يَصِحَّ له ارْتِجاعُها، كالمُرْتَدَّةِ (٢٤). والصحيحُ الأوَّلُ؛ فإنَّ التَّحْريمَ لا يَمْنَعُ الرَّجْعةَ، كالإِحرامِ. ويُفارِقُ الرِّدَّةَ؛ لأنَّها جارِيةٌ إلى بَيْنُونةٍ بعدَ الرَّجْعةِ، بخلافِ العِدَّةِ. وإذا انْقَضَتْ عِدَّتُها منه، فليس له رَجْعَتُها فى عِدَّةِ الثاني؛ لأنَّها ليستْ منه. وإذا ارْتَجعها فى عِدَّتِها من نَفْسِه، وكانت بالقُرُوءِ أو بالأشْهرِ، انْقطَعتْ عِدَّتُه بالرَّجْعةِ، وابتدأتْ عِدَّةً من الثانى، ولا يَحِلُّ له وَطْؤُها حتى تَقْضِىَ (٢٥) عِدَّةَ الثانى، كما لو وُطِئَتْ بشُبْهةٍ فى صُلْبِ نِكاحِه. وإن كانت معْتَدّةً بالْحَمْلِ، لم يُمْكِنْ شُرُوعُها فى عِدَّةِ الثانى قبلَ وَضْعِ الحَمْلِ؛ لأنَّها بالقُرُوءِ، فإذا وَضَعَتْ حَمْلَها، شَرَعَتْ فى عِدَّةِ الثانى، وإن كان الحَمْلُ مُلْحَقًا بالثانى، فإنَّها تَعْتَدُّ


(٢٢) فى الأصل: "لأنها".
(٢٣) فى أ، ب، م: "الثانى".
(٢٤) فى أ: "كالمرتد".
(٢٥) فى أ، ب، م: "تنقضى".

<<  <  ج: ص:  >  >>