فوجبَ فيه دِيَةٌ كاملةٌ، كأُذُنِ الأصَمِّ، وأنْفِ الأخْشَمِ، وما ذكرُوه مَمْنُوعٌ؛ فإنَّ الحاجِبَ يَرُدُّ العَرَقَ عن العَيْنِ ويُفَرِّقُه، وهُدْبَ العَيْنِ يَرُدُّ عنها ويَصُونُها، فجَرَى مَجْرَى أجْفانِها. وينْتَقِضُ ما ذكرُوه بالأصلِ الذي قِسْنا عليه، ويُفارِقُ الْيَدَ الشَّلَّاءَ، فإنَّه ليس جَمالُها كاملًا.
فصل: وفى أحَدِ الحاجِبَيْن نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأنَّ كلَّ شَيْئَيْنِ فيهما الدِّيَةُ، ففى أحدِهما نصفُها، كاليَدَيْنِ. وفى بعضِ ذلك، أو ذَهابِ شيءٍ من الشُّعُورِ المذكورةِ، من الدِّيَةِ بقِسْطِه من دِيَتِه، يُقدَّرُ بالْمساحةِ، كالأُذُنَيْنِ، ومارِنِ الأنْفِ. ولا فَرْقَ في هذه الشُّعورِ بين كَوْنِها كَثِيفةً أو خفيفةً، أو جميلةً أو قبيحةً، أو كوْنِهَا من صغيرٍ أو كبيرٍ؛ لأنَّ سائرَ ما فيه الدِّيَةُ من الأعْضاءِ، لا يَفْترِقُ الحالُ فيه بذلك. وإن أبْقَى من لِحْيتِه ما لا جمالَ فيه، أو [من غيرِها](٢) من الشُّعورِ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، يُؤْخَذُ بالقِسْطِ؛ لأنَّه مَحَلٌّ يجبُ في بعضِه بحِصَّتِه، فأشْبَهَ الأُذُنَ ومارِنَ الأنْفِ. والثانى، تجبُ الدِّيَةُ كاملةً؛ لأنَّه أذْهَبَ المقْصودَ كلَّه، فأشْبَهَ ما لو أذهبَ ضَوءَ العَيْنَيْنِ؛ ولأنَّ جِنايتَه رُبَّما أحْوَجَتْ إلى إذْهابِ الباقى، لزيادتِه في القُبْحِ على ذَهابِ الكُلِّ، فتكونُ جِنايتُه سببًا لذَهابِ الكُلِّ، فأوجبَتْ دِيَتَه، كما لو ذَهب بسِرَايةِ الفِعْلِ، أو كما لو احْتاجَ في دَواءِ شَجَّةِ الرأسِ إلى ما ذهبَ بضَوْءِ عَيْنِه.
فصل: ولا تجبُ الدِّيَةُ في شيءٍ من هذه الشُّعورِ إلَّا بذهابِه على وَجْهٍ لا يُرْجَى عَوْدُه، مثل أنْ يَقْلِبَ على رأسِه ماءً حارًّا، فتَلِفَ مَنْبَتُ الشَّعَرِ، فيَنْقَلِعَ بالكُلِّيَّة، بحيث لا يعودُ. وإن رُجِىَ عَوْدُه إلى مُدَّةٍ، انْتُظِر إليها. وإن عادَ الشَّعَرُ قبلَ أخْذِ الدِّيَةِ، لم تجِبْ، فإنْ عادَ بعدَ أخْذِها، ردَّها. والحُكْمُ فيه كالحُكْمِ في ذهَابِ السَّمْعِ والبصَرِ، فيما يُرْجَى عَوْدُه، وفيما لا يُرْجَى.
فصل: ولا قِصاصَ في شيءٍ من هذه الشُّعورِ؛ لأنَّ إتْلافَها إنَّما يكونُ بالجِنايةِ على