للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ للزوْجِ عليها، فلا تُسْمَعُ دعْوَاها حَقًّا لغيْرِها. فإن قُلْنا بالأوَّلِ، سُئِلَ الزَّوْجُ، فإنْ أنْكَرَ ولم تكُنْ بَيِّنَةٌ، فالقَوْلُ قولُه من غير يَمِينٍ؛ لأنَّه إذا لم تُسْتَحْلَفِ المرْأةُ والحقُّ عليها، فَلأَن لا يُسْتَحْلَفَ مَن الحقُّ له، [وهو يُنْكِرُه] (١٠)، أوْلَى (١١). ويَحْتَمِلُ أَنْ يُسْتحْلَفَ؛ لأنَّ دَعْوَاها إنَّما سُمِعَتْ لتَضَمُّنِها دَعْوَى (١٢) حُقُوقٍ مَالِيَّةٍ تُشْرَعُ فيها اليَمِينُ. وإِنْ قامَتِ البَيِّنَة بالنِّكَاحِ، ثَبَتَ لها ما تَضَمَّنَه النِّكَاحُ من حُقُوقِها. وأمَّا إباحَتُها له، فتَنْبَنِىِ على باطِنِ الأَمْرِ، فإنْ عَلِمَ أنَّها امْرأتُه، (١٣) حلَّتْ له؛ لأنَّ إنْكَارَه النِّكَاحَ ليس بطلاقٍ، ولا نَوَى به الطَّلاقَ، وإِنْ عَلِمَ أنَّها ليستِ امْرَأتَه؛ إمَّا لعَدَمِ العَقْدِ، أو لبَيْنُونَتِها منه، لم تَحِلَّ له. وهل يُمَكَّنُ منها فى الظَّاهِرِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن، أحدُهما، يُمَكَّنُ منها؛ لأنَّ الحَاكمَ قد حَكَمَ بالزَّوْجِيَّة. والثَّانِى، لا يُمَكَّنُ منها، لإِقْرَارِه على نَفْسِه بتَحْريمِها عليه، فيُقْبَلُ قوْلُه فى حقِّ نَفْسِه، دونَ ما عليه، كما لو تَزَوَّجَ (١٤) امرأةً، ثم قال: هى أُخْتِى من الرَّضَاعَة. فإذا ثَبَتَ هذا، فإِنَّ دعْوَاها النِّكَاحَ كدَعْوَى الزَّوْجِ، فيما ذَكَرْنا، من الكَشْفِ عن سَبَبِ النِّكَاحِ، وشَرَائِطِ العَقْدِ. ومذهبُ الشَّافِعىِّ قرِيبٌ ممَّا ذَكَرْنا فى هذا الفَصْلِ.

فصل: فأمَّا سائِرُ العُقُودِ [غيرُ النِّكَاحِ] (١٥)، كالبَيْعِ والإِجَارَةِ والصُّلْحِ وغيرِها، فلا يفْتَقِرُ إلى الكَشْفِ، وذِكْرِ الشُّروطِ، فى أصَحِّ الوَجْهَيْن؛ لأنَّها لا يُحْتَاطُ لها ولا تَفْتَقِرُ إلى الوَلِىّ والشُّهُودِ، فلم تفْتَقِرْ إلى الكَشْفِ، كدَعْوَى العَينِ، وسَوَاءٌ كان المَبِيعُ جَارِيَةً أو غَيْرَها؛ لأنَّها مَبِيعٌ، فأشْبَهَتِ العَبْدَ (١٦)، وكذلك إذا كان المُدَّعَى عَيْنًا أو دَيْنًا، لم يحْتَجْ إلى ذِكْرِ السَّبَبِ؛ لأنَّ أسْبَابَ ذلك تَكْثُرُ ولا تَنْحَصِرُ، وربَّما خفِىَ على المُسْتَحِقِّ سَبَبُ


(١٠) سقط من: أ.
(١١) سقط من: الأصل، ب.
(١٢) فى أ: "معنى".
(١٣) فى م: "زوجته".
(١٤) فى ب: "زوج".
(١٥) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١٦) فى الأصل، ب، م: "الجارية".

<<  <  ج: ص:  >  >>