للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِلْمِ على هذا، ولأنَّ الجَوَامِيسَ من أنْوَاعِ البَقَرِ، كما أن البَخَاتَى من أَنْوَاعِ الإِبِلِ، فإذا اتَّفَقَ فى المالِ جَوَامِيسُ وصِنْفٌ آخَرُ من البَقَرِ، أو بَخَاتَى وعِرَابٌ، أو مَعْزٌ وضَأْنٌ، كَمَلَ نِصَابُ أحَدِهما بالآخَر، وأُخِذَ الفَرْضُ من أَحَدِهما على قَدْرِ المَالَيْنِ. على ما سَنَذْكُرُه، إن شاءَ اللهُ تعالى.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فى بَقَرِ الوَحْشِ، فَرُوِىَ أنَّ فيها الزكاةَ. اخْتَارَهُ أبو بكرٍ؛ لأنَّ اسْمَ البَقَرِ يَشْمَلُها، فيَدْخُلُ فى مُطْلَقِ الخَبَرِ. وعنه لا زكاةَ فيها. وهى أصَحُّ، وهذا قولُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ؛ لأنَّ اسْمَ البَقَرِ عند الإطْلَاقِ لا يَنْصَرِفُ إليها، ولا يُفْهَمُ منه، إذْ كانت لا تُسَمَّى بَقَرًا بدون الإِضَافَةِ، فيقال: بَقَرُ الوَحْشِ. ولأنَّ وُجُودَ نِصَابٍ منها مَوْصُوفًا بصِفَةِ السَّوْمِ حَوْلًا لا وُجُودَ له، ولأنَّها حَيَوَانٌ لا يُجْزِئُ نَوْعُهُ فى الأُضْحِيَةِ والهَدْىِ، فلا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ، كالظِّبَاءِ، ولأنَّها ليستْ من بَهِيمَةِ الأنْعامِ، فلا تَجِبُ فيها الزكاةُ، كسائِرِ الوُحُوشِ، وسِرُّ ذلك أن الزكاةَ إنما وَجَبَتْ فى بَهِيمَةِ الأنْعامِ دُونَ غَيْرِها، لِكَثْرَةِ النَّمَاءِ فيها من دَرِّهَا ونَسْلِها، وكَثْرَةِ الانْتِفَاعِ بها، لِكَثْرَتِها وخفَّةِ مَؤُونَتِها، وهذا المَعْنَى مُخْتَصٌّ (١) بها، فاخْتَصَّتِ الزكاةُ بها دُونَ غَيْرِها، ولا تَجِبُ الزَّكَاةُ فى الظِّبَاءِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ اسْم الغَنَمِ لها.

فصل: قال أصْحَابُنا: تَجِبُ الزكاةُ فى المُتَوَلِّدِ بين الوَحْشِىِّ والأهْلِىِّ، سَوَاءٌ كانتِ الوَحْشِيَّةُ الفُحُولَ أو الأُمَّهَاتِ. وقال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ: إن كانتِ الأُمَّهَاتُ أهْلِيَّةً وَجَبَتِ الزكاةُ فيها، وإلَّا فلا؛ لأن وَلَدَ البَهِيمَةِ يَتْبَعُ أُمَّهُ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا زكاةَ فيها؛ لأنَّها مُتَوَلّدَةٌ من وَحْشِىٍّ، أَشْبَهَ المُتَوَلّدَ من وَحْشِيَّيْنِ. واحْتَجَّ أصْحَابُنا بأنَّها مُتَوَلّدَةٌ بين ما تَجِبُ فيه الزكاةُ، وما لا تَجِبُ فيه، فوَجَبَتْ فيها الزكاةُ، كالمُتَوَلّدَةِ بين سَائِمَةٍ ومَعْلُوفَةٍ. وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّ غَنَمَ مَكَّة مُتَوَلّدَةٌ


(١) في م: "يختص".

<<  <  ج: ص:  >  >>