للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا تَأْثِيرَ لِلإِحْرَامِ ولا لِلْحَرَمِ فى تَحْرِيمِ شىءٍ من الحَيَوَانِ الأهْلِىِّ، كبَهِيمَة الأنْعامِ ونحوِها؛ لأنَّه ليس بِصَيْدٍ، وإنَّما حَرَّمَ اللهُ تعالى الصَّيْدَ، وقد كان النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْبَحُ البُدْنَ فى إحْرَامِه فى الحَرَمِ، يَتَقَرَّبُ إلى اللهِ سُبْحَانَه بذلك، وقال: "أفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَّجُّ" (١١). يعنى إسَالَةَ الدِّمَاءِ بِالذَّبْحِ والنَّحْرِ. وليس فى هذا اخْتِلافٌ.

فصل: ويَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ صَيْدُ البَحْرِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (١٢). قال ابنُ عَبّاسٍ وابنُ عمرَ: طعامُه ما ألْقاهُ. وعن ابنِ عَبَّاسٍ: طعامُه مِلْحُه. وعن سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ: طعامُه المالحُ (١٣)، وصَيْدُه ما اصْطَدْتَ (١٤). وأجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ صَيْدَ البَحْرِ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ اصْطِيَادُه وأَكْلُه وبَيْعُه وشِرَاؤُه. وصَيْدُ البَحْرِ: الحَيَوَانُ الذى يَعِيشُ فى الماءِ، ويَبِيضُ فيه، ويُفْرِخُ فيه، كالسَّمَكِ والسُّلَحْفَاةِ والسَّرَطَانِ، ونحو ذلك. وحُكِىَ عن عَطاءٍ فيما يَعِيشُ فى البَرِّ، مِثْلَىِ السُّلَحْفَاةِ والسَّرَطَانِ، [الجَزَاءُ؛ لأنَّه يعيشُ فى البَرِّ] (١٥)، فأشْبَهَ طَيْرَ الماءِ. ولَنا، أنَّه يَبِيضُ فى الماءِ، ويُفْرِخُ فيه، فأشْبَهَ السَّمَكَ. فأمَّا طَيْرُ الماءِ، كالبَطِّ ونحوِه، فهو من صَيْدِ البَرِّ، فى قولِ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. وفيه الجَزَاءُ. وحُكِىَ عن عَطاءٍ أنَّه قال: حيثُ يكونُ أَكْثَرَ، فهو صَيْدُه. وقولُ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ أوْلَى؛ فإنَّه (١٦) يَبِيضُ فى البَرِّ، ويُفْرِخُ فيه، فكان من صَيْدِ البَرِّ، كسائِرِ طَيْرِه، وإنَّما إقَامَتُه فى البَحْرِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ،


(١١) تقدم تخريجه فى صفحة ١٠٠.
(١٢) سورة المائدة ٩٦.
(١٣) فى م: "الملح".
(١٤) فى م: "اصطدنا".
(١٥) سقط من: م.
(١٦) فى م: "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>