للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من إناءٍ، قد أصابَتْ منه الهِرَّةُ قبلَ ذلكِ (٥٠). وعن عائشة، أنها قالت: إنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إنَّها لَيْسَتْ بنَجَسٍ، [إنَّمَا هِىَ] (٥١) مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ". وقد رأيتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَوضَّأُ بفَضْلِها. روَاه أبو داود (٥٢).

فصل: إذا أكلت الهِرَّةُ نجاسةً ثم شَرِبَتْ من ماءٍ يَسِيرٍ بعدَ أن غابتْ، فالماءُ طاهِر؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفَى عنها النجاسةَ، وتَوضَّأَ [مِن فَضْلِها] (٥٣)، مع عِلْمِه بأكْلِها النَّجاسات. وإن شربتْ قبلَ أن تَغيب، فقال القاضي، وابنُ عَقِيل: ينْجُس؛ لأنه ورَدتْ عليه نجاسةٌ مُتَيَقَّنةٌ، أَشْبَهَ ما لو أصابَه بَوْلٌ.

وقال أبو الحسن الآمِدِىُّ: ظاهرُ مذهبِ أصحابِنا أنه طاهِرٌ، وإن لم تَغِبْ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَفَى عنها مُطْلَقًا، وعلَّل بعَدَمِ إمْكِان الاحْترازِ عنها، ولأننا حَكَمْنا بطهارةِ سُؤْرِها بعد (٥٤) الغَيْبة في مَكانٍ لا يَحتَمِلُ وُرودَها على ماءٍ كثيرٍ يُطَهِّرُ فَاهَا، ولو احْتمَل ذلك فهو شَكٌّ لا يُزِيلُ يَقينَ النجاسة، فوجَب إحالةُ الطهارةِ علَى العَفْوِ عنها، وهو شاملٌ لما قبلَ الغَيْبةِ.

فصل: وإن وقَعتِ الفأرةُ أو الهِرَّةُ ونحوُهما، في مائعٍ، أو ماء يَسِيرٍ، ثم خرجتْ حَيَّةً، فهو طاهِر. نَصَّ عليه أحمدُ، فإنَّه سُئل عن الفأرةِ تقَع في السَّمْنِ الذائِبِ، فلم تَمُتْ؟ قال: لا بَأْسَ بأكْلِه. وفي روايةٍ أخرى (٥٥) قال: إذا كان حَيًّا فلا شَىْءَ، إنما الكلامُ في الميِّتِ.

وقيل: يَحْتَمِلُ أن ينْجُسَ إذا أصابَ الماءُ مَخْرَجَها؛ لأنَّ مَخْرجَ النجاسةِ نجسٌ، فينْجسُ به الماءُ.


(٥٠) في الموضع السابق من سنن ابن ماجه.
(٥١) في م: "إنها". والمثبت في: الأصل، أ، وسنن أبي داود.
(٥٢) في الموضع السابق من سنن أبي داود.
(٥٣) في م: "بفضلها".
(٥٤) في م: "مع".
(٥٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>