للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو سُلَيمانَ (٤١) إمامُ طَرَسُوسَ، قال: كان الإمامُ (٤٢) أحمدُ ابن حَنْبل، إذا حَضَرَ عَقْدَ (٤٣) نِكاحٍ، فلم يُخْطَبْ فيه بخطْبةِ عبدِ اللَّه بن مَسْعُودٍ، قامَ وتَرَكَهُم. وهذا كان من أبِى عبدِ اللَّه [على طريقِ] (٤٤) المُبالغةِ فى اسْتِحْبابها، لا على الإِيجابِ لها (٤٥)؛ فإنَّ حَرْبَ بن إسماعيلَ قال: قلتُ لأحمدَ: فيَجِبُ أن تكونَ خُطْبةُ النِّكاحِ مثلَ قولِ ابنِ مَسْعُودٍ؟ فوسَّع فى ذلك. وقد رُوِىَ عن ابنِ (٤٥) عُمَرَ، أنَّه كان إذا دُعِىَ ليُزَوِّجَ، قال: لا تفْضُضُوا (٤٦) علينا النَّاسَ، الحمدُ للَّه، وصلَّى اللَّهُ على محمدٍ، إنَّ فُلانًا يَخْطُبُ إليكم، فإن أنْكَحْتُمُوهُ فالحمدُ للَّه، وإن رَدَدْتُمُوه فسُبحانَ اللَّه (٤٧). والمُسْتَحَبُّ خطْبةٌ واحدةٌ يَخْطُبُها الوَلِىُّ، أو الزَّوجُ، أو غيرُهما. وقال الشافعىُّ: المَسْنُونُ خطْبتانِ، هذه التى ذكَرْناها فى أوَّلِه، وخطْبةٌ من الزَّوْجِ قبل قَبُولِه (٤٨). والمَنْقُولُ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن السَّلَفِ، خطْبةٌ واحدةٌ، وهو أَوْلَى ما اتُّبِعَ.

فصل: والخطْبةُ غيرُ واجِبَةٍ عندَ أحدٍ من أهلِ العلمِ عَلِمْناهُ، إلَّا دَاودَ، فإنَّه أَوْجَبَها؛ لما ذكَرْناه. ولَنا، أَنَّ رَجُلًا قال للنبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا رسولَ اللَّه، زَوِّجْنِيهَا. فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ". مُتَّفَقٌ عليه (٤٩). ولم يَذْكُرْ


(٤١) لعله أبو سليمان داود بن عمرو بن زهير الضبى، توفى يغداد سنة ثمان وعشرين ومائتين. طبقات الحنابلة ١/ ١٥٥.
(٤٢) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤٣) فى الأصل: "عقدة".
(٤٤) فى م: "من".
(٤٥) سقط من: م.
(٤٦) فى الأصل: "تعضنوا". وفى أ، ب، م: "تعصفوا". والمثبت من السنن الكبرى. أى: لا تفرقوا جمعهم.
(٤٧) أخرجه البيهقى، فى: باب كيف الخطبة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٨١.
(٤٨) فى الأصل: "قوله". وفى ب: "القبول".
(٤٩) تقدم تخريجه فى: ٨/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>