للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوصَى به بالحَجِّ الواجِبِ، أُتِمَّ من رَأْسِ المال. وإن كان تَطَوُّعًا، فإنَّه يُحَجُّ به من حيثُ يَبْلُغُ، على ما مَضَى.

فصل: وإن عَيَّنَ رَجُلًا للحَجِّ (٢)، فأبَى أن يَحُجَّ، بَطَلَ التَّعْيِينُ، ويَحُجُّ عنه بأقَلَّ ما يُمْكِنُ إنْسانٌ ثِقَةٌ سِوَاهُ، ويُصْرَفُ الباقِى إلى الوَرَثةِ. ولو قال المُعَيَّنُ: اصْرِفُوا الحجَّةَ إلى مَن يَحُجُّ، وادْفَعُوا الفَضْلَ إلىَّ، لأنَّه مُوصًى به لي. لم يُصْرَفْ إليه شيءٌ؛ لأنَّه إنَّما أوْصَى له بالزِّيَادةِ بشَرْطِ أن يَحُجَّ، فإذا لم يَفْعَلْ، لم يُوجَدِ الشَّرْطُ، ولم يَسْتَحِقَّ شيئا.

٩٨٣ - مسألة؛ قال: (وَإنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّى حَجَّةً. فَمَا فَضَلَ رُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ)

أمَّا إذا أوْصَى بحجَّةٍ، ولم يَذْكُرْ قَدْرًا من المالِ، فإنَّه لا يُدْفَعُ إلى مَن يَحُجُّ إلَّا قَدرُ نَفقةِ المِثلِ؛ لما ذكَرْناه. وإن فضلَ فَضلٌ عن ذلك، فهو للوَرثةِ. وهذا يَنبَنِى على أنَّ الحجَّ لا يجوزُ الاسْتِئجارُ عليه، إنَّما يَنوبُ عنه فيه نائبٌ، فما يُنْفَقُ عليه فيما يَحْتاجُ إليه، فهو مِن مالِ المُوصِى، وما بَقِىَ ردَّه على وَرثتِه. وإن تَلِفَ المالُ في الطَّريقِ، فهو من مالِ المُوصِى، وليس على النَّائِب إتمامُ المُضِىِّ إلى الحجِّ عنه. وعلى الروايةِ الأُخرَى، يجوزُ الاستئجارُ عليه، فلا يَسْتَأْجِرُ إلَّا ثقةً بأقلِّ ما يُمْكِنُ، وما فضَلَ فهو لمن يَحجُّ؛ لأنَّه مَلَكَ ما أُعْطِىَ بعقْدِ (١) الإِجارةِ. وإن تَلِفَ المالُ في الطريقِ بعدَ قَبْضِ الأجيرِ له، فهو مِن مالِه، ويَلزمُه إتْمامُ (٢) الحَجِّ. وإن قال: حُجُّوا عنى. ولم يَقُلْ: حَجَّةً واحدةً. لم يُحَجَّ عنه إلَّا حَجةٌ واحدةٌ؛ لأنَّه أقلُّ ما يقعُ عليه الاسمُ. فإن عيَّنَ مع هذا مَن يَحُجُّ عنه، فقال: يَحُجُّ عنِّى فُلانٌ. فإنَّه يُدْفَعُ إليه قَدْرُ نَفقتِهِ من بَلدِه إذا خرجَ مِن الثُّلُثِ. فإن أبَى الحجَّ إلَّا بزيادةٍ تُصرفُ إليه، فيَنبغى أن يُصْرَفَ إليهِ


(٢) في م: "أن يحج".
(١) في أ: "بقدر". وفي م: "بعد".
(٢) في م: "بإتمام".

<<  <  ج: ص:  >  >>