للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إمَّا لِلْقَرِينَةِ، وإمَّا لِقَوْلِنا بأن المُطْلَقَ يَقْتَضِى التَّعْمِيمَ ولم يكُنْ في لَفْظِه ما يَقْتضِى تَشْرِيكًا ولا تَرْتِيبًا، احْتَمَلَ أن يكونَ بينهم كلَّهم على التَّشْرِيكِ، لأنَّهم دَخَلُوا في اللَّفْظِ دُخُولًا واحِدًا، فوَجَبَ أن يكونَ بينهم مُشْتَرَكًا، كما لو أقَرَّ لهم بِدَيْنٍ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ على التَّرْتِيبِ، على حَسَبِ التَّرتِيبِ في المِيرَاثِ. وهذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ لقولِه في مَن وَقَفَ على وَلَدِ عَلىّ بن إسماعيلَ، ولم يَقُلْ: إن ماتَ وَلَدُ عليِّ بن إسماعيلَ دُفِعَ إلى وَلَدِ وَلَدِه. فماتَ وَلَدُ علىِّ بن إسماعيلَ، وتَرَكَ وَلَدًا، فقال: إن ماتَ بعضُ وَلَدِ عليِّ بن إسْمَاعِيلَ دُفِعَ إلى وَلَدِه أيضًا؛ لأنَّ هذا من وَلَدِ عليِّ بن إسماعيلَ. فجَعَلَه لِوَلَدِ من ماتَ من وَلَدِ عليِّ بن إسماعيلَ عندَ مَوْتِ أَبِيه، وذلك أنَّ وَلَدَ البَنِين لمَّا دَخَلُوا في قولِ اللَّه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. ولم يَسْتَحقّ وَلَدُ البَنِين شَيْئًا مع وُجُودِ آبَائِهِم، واسْتَحَقُّوا عندَ فَقْدِهِم، كذا ههُنا. فأمَّا إن وَصَّى لِوَلَدِ فُلَانٍ، وهم قَبِيلَةٌ، فلا تَرْتِيبَ فيه، ويَسْتَحِقُّ الأعْلَى والأسْفُلُ على كلِّ حالٍ.

فصل: وإن رَتَّبَ فقال: وَقَفْتُ هذا على وَلَدِى، وَوَلَدِ وَلَدِى، ما تَنَاسَلُوا وتَعَاقَبُوا، الأعْلَى فالأعْلَى، أو الأقْرَبُ فالأقْرَب، أو الأوَّلُ فالأوَّلُ، أو البَطْنُ الأوَّلُ ثم البَطْنُ الثاني، أو على أوْلَادِى، ثم على أوْلادِ أَوْلَادِى، أو على أوْلَادى، فإن انْقَرَضُوا فعلى أوْلَادِ أولادِى. فكلُّ هذا على التَّرْتِيبِ، فيكونُ على ما شَرَطَ، ولا يَسْتَحِقُّ البَطْنُ الثاني شَيْئًا حتى يَنْقَرِضَ البَطْنُ كلُّه. ولو بَقِىَ واحِدٌ من البَطْنِ الأوَّلِ، كان الجَمِيعُ له؛ لأنَّ الوَقْفَ ثَبَتَ بقَوْلِه، فيُتْبَعُ فيه مُقْتَضَى كَلَامِه. وإن قال: على أوْلادِى، وأوْلَادِهم ما تَعَاقَبُوا وتَنَاسَلُوا، على أنَّه مَن ماتَ منهم على وَلَدٍ كان ما كان جارِيًا عليه جارِيًا على وَلَدِه. كان ذلك دَلِيلًا على التَّرْتِيبِ؛ لأنَّه لو اقْتَضَى التَّشْرِيكَ لَاقْتَضَى التَّسْوِيةَ، ولو جَعَلْنا لِوَلَدِ الوَلَدِ سَهْمًا مثلَ سَهْم أبِيه، ثم دَفَعْنا إليه سَهْمَ أبِيه، صارَ له سَهْمانِ، ولغيرِه سَهْمٌ، وهذا يُنَافِى التَّسْوِيةَ، ولأنَّه يُفضِى إلى تَفْضِيلِ وَلَدِ الابْنِ على الابْنِ، والظاهِرُ مِن إرَادَةِ الوَاقِفِ خِلَافُ هذا. فإذا ثَبَتَ التَّرْتِيبُ فإنه يَتَرَتَّبُ بين

<<  <  ج: ص:  >  >>