للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له، بِدَلِيلِ قولِ اللَّه تعالى: {يَابَنِي آدَمَ} و {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ}. وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْمُوا بَنِى إسْمَاعِيلَ، فَإنَّ أبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا" (٤). وقال: "نَحْن بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ" (٥). والقَبَائِلُ كلها تُنْسَبُ إلى جُدُودِها. ولأنَّه لو وَقَفَ على وَلَدِ فُلَانٍ، وهم قَبِيلَةٌ، دَخَلَ فيه وَلَدُ البَنِين، فكذلك إذا لم يَكُونُوا قَبِيلَةً. وقال القاضي، وأصْحابُه: لا يَدْخُل فيه وَلَدُ الوَلَدِ بحالٍ، سواءٌ في ذلك وَلَدُ البَنِين وَوَلَدُ البَنَاتِ؛ لأنَّ الوَلَدَ حَقِيقَةٌ وعُرْفًا إنَّما هو وَلَدُه لِصُلْبِه، وإنَّما يُسَمَّى وَلَدُ الوَلَدِ وَلَدًا مجازًا، ولهذا يَصِحُّ نَفْيُه، فيُقال: ما هذا وَلَدِى، إنَّما هو وَلَدُ وَلَدِى. وإن قال: على وَلَدِى لِصُلْبِى. فهو آكَدُ. وإن قال: على وَلَدِى، وَوَلَدِ وَلَدِى، ثم على المَسَاكِينِ. دَخَلَ فيه البَطْنُ الأَوّلُ والثانى، ولم يَدْخُلْ فيه البَطْنُ الثالِثُ وإن قال: على وَلَدِى، وَوَلَدِ وَلَدِى، وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِى. دَخَلَ فيه ثلاثةُ بُطُونٍ دُونَ مَنْ بعدَهم. ومَوْضِعُ الخِلَافِ المُطْلَق، فأمَّا مع وُجُودِ دَلَالَةٍ تَصْرِفُ إلى أحدِ المَحْمِلَيْنِ، فإنَّه يُصْرَفُ إليه بغيرِ خِلَافٍ، مثل أن يقولَ: على وَلَدِ فُلَانٍ. وهم قَبِيلَةٌ ليس فيهم وَلَدٌ من صُلْبِه، فإنَّه يُصْرَفُ إلى أوْلادِ الأَوْلادِ بغير خِلَافٍ. وكذلك إن قال: على أوْلَادِى، أو وَلَدِى. وليس له وَلَدٌ من صُلْبِه. أو قال: ويُفَضَّلُ وَلَدُ الأَكْبَرِ أو الأعْلَمِ على غيرِهم. أو قال: فإذا خَلَتِ الأرْضُ من عَقِبِى عادَ إلى المَسَاكِينِ. أو قال: على وَلَدِى غيرِ وَلَدِ البَناتِ. أو غير وَلَدِ فُلَانٍ. أو قال: يُفَضَّلُ البَطْنُ الأَعْلَى على الثاني. أو قال: الأَعْلَى فالأعْلَى. وأشْباه ذلك، فهذا يُصْرَفُ لَفْظُه إلى جَمِيعِ نَسلِه وعاقِبَته. وإن اقْتَرَنَتْ به قَرِينَةٌ تَقْضِى تَخْصيِصَ أوْلادِه لِصُلْبِه بالوَقْفِ، مثل أن يقول: على وَلَدِى لِصُلْبِى. أو الذين يَلُونَنِى. ونحو هذا، فإنَّه يَخْتَصُّ بالبَطْنِ الأَوَّلِ دُونَ غيرِهم. وإذا قُلْنا بالتَّعْمِيم فيهم،


(٤) أخرجه البخاري، في: باب التحريض على الرمى، من كتاب الجهاد، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ}. . .، من كتاب الأنبياء، وفى: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، من كتاب المناقب. صحيح البخاري ٤/ ٤٥، ١٧٩، ٢١٩. وابن ماجه، في: باب الرمى فى سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤١. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٦٤، ٤/ ٥٠.
(٥) أخرجه ابن ماجه، في: باب من نفى رجلا من قبيلة، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧١. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٨٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>