للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو كانتْ حازَتْه لم يكُنْ له الرُّجُوعُ. وكذلك قولُ عمرَ: لا نِحْلةَ إلَّا نِحْلةً يَحُوزُها الوَلَدُ دون الوالِدِ. ولأنها عَطِيَّةٌ لِوَلَدِه فلَزِمَتْ بالمَوْتِ كما لو انْفَرَدَ. وقوله: "إذا كان ذلك في صِحَّتِه" يَدُلُّ على أنَّ عَطِيَّتَه في مَرَضِ مَوْتِه لبعضِ وَرَثَتِه لا تَنْفُذُ؛ لأنَّ العَطَايَا في مَرَضِ المَوْتِ بمَنْزِلَةِ الوَصِيَّةِ، في أنها تُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ إذا كانت لأَجْنَبِيٍّ إجْماعًا، فكذلك لا تَنْفُذُ في حَقِّ الوارِثِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجمَعَ كلُّ مَن أحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، أنَّ حُكْمَ الهِبَاتِ في المَرَضِ الذي يَمُوتُ فيه الواهِبُ، حُكْمُ الوَصَايَا، هذا مَذْهَبُ الْمَدِينِيّ، والشافِعِيِّ، والكُوفِيِّ. فإن أعْطىَ أحَدَ بَنِيه في صِحَّتِه، ثم أعْطَى الآخَرَ في مَرَضِه، فقد تَوَقَّفَ أحمدُ فيه، فإنَّه سُئِلَ عمَّن زَوَّجَ ابْنَه، فأعْطى عنه الصَّدَاقَ، ثم مَرِضَ الأبُ، وله ابنٌ آخَرَ، هل يُعْطِيه [في مَرَضِه] (٧) كما أعْطىَ ابنَه (٨) الآخَرَ في صِحَّتِه؟ فقال: لو كان أعْطاهُ في صِحَّتِه، فيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ عَطيَّتَه في مَرَضِه كوَصِيَّتِه، ولو وَصَّى له لم يَصِحَّ، فكذلك إذا أعْطاهُ. والثاني، يَصِحُّ؛ لأنَّ التَّسْوِيةَ بينهما واجِبَةٌ، ولا طَرِيقَ لها في هذا المَوْضِعِ إلَّا بِعَطِيَّةِ (٩) الآخَرِ، فتكونُ واجِبَةً؛ فتَصِحُّ، كقَضَاءِ دَيْنِه.

فصل: قال أحمدُ: أُحِبُّ أن لا يُقَسِّمَ مالَه، ويَدَعَه على فرائِضِ اللَّه تعالى، لعلَّه أنَّ يُولَدَ له، فإن أعْطى وَلَدَه مالَه، ثم وُلِدَ له وَلَدٌ، فأعْجَبُ إلىَّ أن يَرْجِعَ فَيُسَوِّىَ بينهم. يعني يَرْجِعُ في الجَمِيعِ، أو يَرْجِعُ في بعض ما أعْطَى كلَّ واحدٍ منهم لِيَدْفَعُوه (١٠) إلى هذا الوَلَدِ الحادِثِ، لِيُسَاوِىَ إخْوَتَه. فإن كان هذا الوَلَدُ الحادِثُ بعدَ المَوْتِ، لم يكُنْ


(٧) سقط من: الأصل.
(٨) سقط من: م.
(٩) في الأصل: "بعطيته".
(١٠) في الأصل: "ليدفعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>