للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاهدان؛ لأنَّ البَيِّنَةَ تَشْهَدُ على وُجودِه مع (٢٦) المرأةِ، وهذا يَثْبُتُ بشاهِدَيْنِ، وإنَّما الذي يحْتاجُ إلى الأربعةِ الزِّنَى، وهذا لا يحتاجُ إلى إثْباتِ الزِّنَى. فإن قِيلَ: فحديثُ عمرَ في الذي وَجَدَ مع امرأتِه رَجُلًا ليس فيه بَيِّنَةٌ، وكذلك رُوِىَ أنَّ رَجُلًا من المسلمين خَرَجَ غَازِيًا، وَأَوْصَى بأهلِه رَجُلًا، فبَلَغ الرَّجُلَ أن يَهُودِيًّا يختَلِفُ إلى امرأتِه، فكَمَنَ له حتى جاءَ، فجعل يُنْشِدُ:

وأشْعَثَ غَرَّهُ الإِسْلامُ مِنِّى ... خَلَوْتُ بعِرْسِه ليلَ التَّمامِ

أبِيتُ على تَرائِبِها ويُضْحِى ... على جَرْداءَ لَاحِقَةِ الْحِزَامِ

كأنَّ مَواضِعَ الرَّبَلَاتِ منها ... فِئَامٌ يَنْهَضُونَ إلى فِئَامِ (٢٧)

فقام إليه فقَتَلَه، فرُفِعَ ذلك إلى عمرَ، فأهْدَرَ دَمَه، ولم يُطالِبْ (٢٨). فالجوابُ أنَّ ذلك ثبتَ عنده بإقْرارِ الوَلِىِّ. وإن لم تكُنْ (٢٩) بَيِّنَةٌ، فادَّعَى عِلْمَ الوَلِىِّ بذلك، فالقولَ قولُ الوَلِىِّ مع يَمِينِه.

فصل: ولو قتلَ رَجُلٌ (٣٠) رجلًا، وادَّعَى أنَّه قد هَجَمَ مَنْزِلِى، فلم يُمْكِنِّى دَفْعُه إلَّا بالقتلِ. لم يُقْبَلْ قولُه إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وعليه القَوَدُ سَواء كان المقتولُ يُعْرَفُ بِسَرِقَةٍ، أو عِيَارَةٍ، أو لا يُعْرَفُ بذلك، فإن شَهِدَتِ البَيِّنَةُ أنَّهم رَأَوْا هذا مُقْبلًا إلى هذا [بسِلاحٍ مَشْهورٍ] (٣١)، فضرَبه هذا، فقد هَدَرَ دَمَه، وإن شَهِدُوا أنَّهم رَأَوْه داخِلًا دارَه، ولم يَذْكُرُوا سِلَاحًا، أو ذكروا سِلاحًا غيرَ مَشْهورٍ، لم يَسْقُطِ القَوَدُ بذلك؛ لأنَّه قد يدْخُلُ


(٢٦) في ب، م: "على".
(٢٧) في الأصل، م: "الرتلات". والربلة: باطن الفخذ. وامرأة ربلة وربلاء: عظيمة الربلات. والفئام: الجماعة.
(٢٨) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل يجد على امرأته رجلا، من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٤٣٥. وابن أبي شيبة، في: باب الرجل يجد مع امرأته رجلا فيقتله، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٤٠٤.
(٢٩) في ب زيادة: "ثم".
(٣٠) سقط من: ب.
(٣١) في م: "بالسلاح المشهور".

<<  <  ج: ص:  >  >>