الرَّحْبَةِ. والحائِضُ مَمْنُوعَةٌ من المَسْجِدِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على هذا. ورَوَى عنه المَرُّوذِىُّ أنَّ المُعْتَكِفَ يَخْرُجُ إلى رَحْبَةِ المسجدِ، هى من المسجِدِ. قال القاضى: إنْ كان عليها حَائِطٌ وبَابٌ فهى كالمسجدِ؛ لأنَّها معه، وتَابِعَةٌ له، وإن لم تَكُنْ مَحُوطَةً، لم يَثْبُتْ لها حُكْمُ المسجدِ. فكأنَّه جَمَعَ بين الرِّوَايَتَيْنِ، وحَمَلَهما على اخْتِلافِ الحالَيْنِ. فإنْ خَرَجَ إلى مَنَارَةٍ خارِجَ المسجدِ للأذَانِ، بَطَلَ اعْتِكافُه. قال أبو الخَطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أن لا يَبْطُلَ؛ لأنَّ مَنارَةَ المسجدِ كالمُتَّصِلَةِ به.
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الوَطْءَ فى الاعْتِكافِ مُحَرَّمٌ بالإِجْماعِ، والأصْلُ فيه قولُ اللهِ تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}(١). فإن وَطِىءَ فى الفَرْجِ مُتَعَمِّدًا أفْسَدَ اعْتِكافَه، بإجْماعِ أهْلِ العِلْمِ. حكاه ابنُ المُنْذِرِ عنهم. ولأن الوَطْءَ إذا حُرِّمَ فى العِبادَةِ أفْسَدَهَا، كالحَجِّ والصَّوْمِ. وإن كان نَاسِيًا، فكذلك عند إمَامِنَا، وأبي حنيفةَ، ومَالِكٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يَفْسُدُ اعْتِكَافُه؛ لأنَّها مُباشَرَةٌ لا تُفْسِدُ الصومَ، فلم تُفْسِد الاعْتِكافَ، كالمُباشَرَةِ فيما دُونَ الفَرْجِ. ولَنا، أنَّ ما حُرِّمَ فى الاعْتِكَافِ اسْتَوَى عَمْدُه وسَهْوُه فى إفْسَادِهِ، كالخُرُوجِ من المسجدِ، ولا نُسَلِّمُ أَنَّها لا تُفْسِدُ الصَّومَ. ولأنَّ المُباشَرَةَ دُونَ الفَرْجِ لا تُفْسِدُ الاعْتِكافَ، إلَّا إذا اقْتَرَنَ بها الإِنْزالُ. إذا ثَبَتَ هذا، فلا كَفَّارَةَ بالوَطْءِ فى ظاهِرِ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقَوْلُ عَطَاءٍ، والنَّخَعِىِّ، وأهْلِ المَدِينَةِ، ومَالِكٍ، وأهْلِ العِراقِ، والثَّوْرِىِّ، وأهْلِ الشَّامِ،