للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: قالَ أحمدُ، فى قومٍ اقْتسَمُوا دارًا، وحصَلَ لبعضِهم فيها زيادةُ أذْرُعٍ، ولبعضِهم نُقْصانٌ، ثم باعوا الدَّارَ جُملةً واحدةً: قُسِمَتِ الدَّارُ بينهم على قَدْرِ الأذْرُعِ. يَعنى أنَّ الثَّمنَ يُقْسَمُ بينهم على قَدْرِ مِلْكِهم فيها، وهذا محمولٌ على أنَّ زيادةَ أحدِهما فى الأذْرُعِ كزيادةِ (٤٣) مِلْكِه فيها. مثل أن يكونَ لأحدِهما الخُمسانِ، فيَحصُلَ له أربعون ذِراعًا، وللآخرِ ثلاثةُ أخْماسٍ، فيَحْصُلَ له ستُّون، فإنَّ الثَّمَنَ يُقْسَمُ بينهما أخْماسًا على قَدْرِ مِلْكِهما فى الدَّارِ، [فأمَّا إن] (٤٤) كانتْ زِيادةُ الأذْرُعِ لرَداءَةِ ما أخذَه صاحبُها، مثل دارٍ تكونُ (٤٥) بينَهما نِصْفَيْن، فأخَذَ أحدُهما بنَصِيبِه من جَيِّدِها أرْبعينَ ذِراعًا، وأخذَ الآخَرُ مِن رَدِيئِها ستِّينَ ذِراعًا، فلا يَنْبَغى أن يُقْسَمَ الثمنُ على قَدْرِ الأذْرُعِ، بل يُقسَمُ بينَهما نِصْفَيْن؛ لأنَّ السِّتِّينَ هاهُنا مَعْدولةٌ بالأرْبعينَ، فكذلك يُعْدَلُ بها (٤٦) فى الثَّمنِ. واللهُ أعلمُ. وقال أحمدُ، فى قومٍ اقْتسَمُوا دارًا كانت أربعةَ سُطُوحٍ، يَجْرِى عليها الماءُ، فلمَّا اقْتسَمُوا أرادَ أحدُهم مَنْعَ جَرَيانِ ماءِ الآخَرِ عليه، وقال: هذا شىءٌ قد صارَ لى. قال: إن كان بينَهما شَرْطٌ أنَّه يَرُدُّ الماءَ، فله ذلك، فإن لم يُشْتَرَطْ، فليس له مَنْعُه. ووَجهُه أنَّهم اقْتَسَموا الدارَ وأطْلَقوا، فاقْتَضَى ذلك أن يَمْلِكَ كلُّ واحدٍ حِصَّتَه بحُقوقِها، وكما لو اشْتَراها بحُقوقِها، ومن حقِّها جَرَيانُ مائِها فى ماءٍ كان يَجْرِى إليه مُعْتادًا له، وهو على سَطْحٍ المانِعِ، فلهذا اسْتَحقَّه حالةَ الإِطْلاقِ، فإن تَشارَطا على رَدِّه، فالشَّرْطُ أمْلَكُ، والمؤمِنونَ على شُروطِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: إذا اقْتسَما دارًا، فحصَلتِ (٤٧) الطريقُ فى نصيبِ أحدِهما، وكان لنَصيبِ الآخَرِ مَنْفَذٌ يَتَطرَّقُ منه، وإلَّا بطَلَتِ القِسْمةُ؛ وذلك لأنَّ القِسْمةَ تَقْتضِى التَّعْدِيلَ، والنَّصِيبُ الذى لا طَرِيقَ له لا قِيمةَ له إلَّا قيمةً قليلةً، فلا يَحْصُلُ التَّعْديلُ، ولأنَّ مِن شَرْطِ الإِجْبارِ على القِسْمةِ، أن يكونَ ما يَأْخذُه كلُّ واحدٍ منهما يُمْكِنُ الانْتِفاعُ به، وهذا لا يَنْتفِعُ به آخِذُه، فإن كان قد أخَذَه راضِيًا به، عالِمًا بأنَّه لا طريقَ له،


(٤٣) فى الأصل: "لزيادة".
(٤٤) فى ب، م: "فإن".
(٤٥) سقط من: ب، م.
(٤٦) فى الأصل، أ: "فيها".
(٤٧) فى ب، م: "فحصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>