للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَبْدِ، فإن لم يكنْ مَعْرُوفَ الإِبَاقِ قبلَ البَيْعِ، فقد تَعَيَّبَ عندَ المُشْتَرِى، فهل يَمْلِكُ رَدَّهُ ورَدَّ أرْشِ العَيْبِ الحادِثِ عندَه والأَرْش الذى أخَذَه؟ على رِوَايَتَيْنِ. وإن كان آبِقًا، فله رَدُّه ورَدُّ ما أخَذَهُ من الأَرْشِ وأخْذُ ثَمَنِه. وقال الثَّوْرِىُّ والشَّافِعىُّ: ليس لِلْمُشْتَرِى أخْذُ أَرْشِه، سواء قَدَرَ على رَدِّه أو عَجَزَ عنه، إلَّا أن يَهْلِكَ؛ لأنَّه لم يَيْأَسْ من رَدِّه، فهو كما لو بَاعَهُ. ولَنا، أنَّهُ مَعِيبٌ لم يَرْضَ به، ولم يَسْتَدْرِكْ ظُلَامَتَه فيه، فكان له أَرْشُه، كما لو أعْتَقَه، وفى البَيْعِ اسْتَدْرَكَ ظُلَامَتَه، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

فصل: وإذا اشْتَرَى عَبْدًا فأَعْتَقَه، ثم عَلِمَ به عَيْبًا فأخَذَ أَرْشَه، فهو له. وعن أحْمَدَ رِوَايَةٌ أخرى، أنَّه يَجْعَلُه فى الرِّقَابِ. وهو قول الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه من جُمْلَةِ الرَّقَبَةِ التى جَعَلَها اللهُ، فلا يَرْجِعُ إليه شىءٌ من بَدَلِها. ولَنا، أنَّ العِتْقَ إنَّما صَادَفَ الرَّقَبَةَ المَعِيبَةَ، والجُزْءُ الذى أخَذَ بَدَلَهُ ما تَنَاوَلَهُ عِتْقٌ، ولا كان مَوْجُودًا، ولأنَّ الأَرْشَ ليس بَدَلًا عن العَبْدِ، إنَّما هو جُزْءٌ من الثَّمَنِ، جُعِلَ مُقَابِلًا لِلْجُزْءِ الفَائِتِ، فلمَّا لم يُحَصِّلْ ذلك الجُزْءَ من المَبِيعِ، رَجَعَ بِقَدْرِه من الثَّمَنِ، فكأنَّه لم يَصِحَّ العَقْدُ فيه، ولهذا رَجَعَ بِقَدْرِه من الثمنِ، لا من قِيمَةِ العَبْدِ. وكلامُ أحمدَ، فى الرِّوَايَةِ الأُخْرَى، يُحْمَلُ على اسْتِحْبابِ ذلك، لا على وُجُوبِهِ. قال القاضِى: إنَّما الرِّوَايَتَانِ فيما إذا أعْتَقَه عن كَفَّارَتِه؛ لأنَّه إذا أعْتَقَها (٨) عن الكَفَّارَةِ، لا يجوزُ أن يَرْجِعَ إليه بشىءٍ من بَدَلِها، كالمُكاتَبِ إذا أدَّى من كِتابَتِه شَيْئًا. ولَنا، أنَّه أَرْشُ عَبْدٍ أعْتَقَه، فكان له، كما لو تَبَرَّعَ بِعِتْقِه.

٧٤٦ - مسألة؛ قال: (فَإنْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُه قَبْلَ الشِّرَاءِ، أوْ بَعْدَه، حَلَفَ المُشْتَرِى، وَكَانَ لَهُ الرَّدُّ أوِ الْأَرْشُ)

وجملةُ ذلك، أنَّ المُتَبايِعَيْنِ إذا اخْتَلَفا فى العَيْبِ، هل كان فى المَبِيعِ قبلَ العَقْدِ،


(٨) أى الرقبة. وفى م: "أعتقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>