للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشترَى المأذونُ له في التجارَةِ عَبْدًا، فقُتِلَ، فالقَسامةُ لسَيِّدِه دُونَه؛ لأنَّ ما يبْتاعُه المأذونُ يَمْلِكُه سَيِّدُه دُونَه، ولهذا يَمْلِكُ انْتزاعَه منه. وإن عجزَ المُكاتَبُ قبلَ أنْ يُقْسِمَ، فلسَيِّدِه أن يُقْسِمَ؛ لأنَّه صارَ المُسْتَحِقَّ لبَدَلِ المقْتولِ، بمَنْزِلةِ وَرَثةِ الحُرِّ إذا ماتَ قبلَ أنْ يُقْسِمَ، ولو ملَّكَ السَيِّدُ عبدَه أو أُمَّ ولدِه عبدًا فقُتِلَ، فالقَسامةُ للسَّيِّدِ، سواءٌ قُلْنا: يَمْلِكُ العبد بالتَّمْليكِ، أو لا يملِكُ؛ لأنَّه إن لم يَمْلِكْ، فالمِلْكُ لسَيِّدِه، وإن ملَكَ فهو مِلْكٌ غيرُ ثابتٍ، ولهذا يَمْلِكُ سَيِّدُه انْتزاعَه منه؛ ولا يجوزُ له التَّصَرُّفُ فيه (٧) بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، بخلافِ المُكاتَبِ. وإن أوْصَى لأُمِّ ولدِه ببَدَلِ العبدِ، صَحَّتِ الوَصيَّةُ، وإنْ [كان لم يجبْ] (٨) بعدُ، كما تَصِحُّ الوَصِيَّةُ بثَمَرةٍ لم تُخْلَقْ. والقَسامةُ للورثةِ؛ لأنَّهم القائمونَ مَقامَ المُوصِي في إثْباتِ حُقوقِه، فإذا حَلَفُوا، ثبتَ لها البَدَلُ بالوَصِيَّةِ، وإن لم يَحْلِفُوا، لم يكُنْ لها أن تَحْلِفَ، كما إذا امْتَنَع الورَثةُ من اليَمِينِ مع الشَّاهدِ، لم يكُنْ للغُرَماءِ أن يَحْلِفُوا معه.

فصل: والْمَحْجورُ عليه لسَفَهٍ أو فَلَسٍ، كغيرِ المَحْجُورِ عليه، في دَعْوَى القتلِ، والدَّعْوَى عليه، إلَّا أنَّه إذا أقَرَّ بمالٍ، أو لَزِمَتْه الدِّيَةُ بالنُّكُولِ عن اليَمِين، لم يَلْزَمْه في حالِ حَجْرِه؛ لأنَّ إقْرارَه بالمالِ في الحالِ غيرُ مَقْبولٍ بالنِّسْبةِ إلى أخْذِ شيءٍ من مالِه في الحالِ، على ما عُرِفَ في مَوْضِعِه.

فصل: ولو جُرِحَ مُسْلِمٌ فارْتَدَّ، وماتَ على الرِّدَّةِ، فلا قَسَامَةَ فيه؛ لأنَّ نفسَه غيرُ مَضْمونةٍ، وإنَّما يُضْمَنُ الجُرْحُ، ولا قسامةَ فيما دونَ النَّفْسِ، ولأنَّ مالَه يصيرُ فَيْئًا، والفَىْءُ ليس له مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ فتثْبُتُ القَسامةُ له. وإن ماتَ مُسْلِمًا، فارْتَدَّ وارِثُه قبلَ القَسامَةِ، فقال أبو بكر: ليس له أن يُقْسِمَ، وإن أقْسَمَ لم يَصِحَّ؛ لأنَّ مِلْكَه يزُولُ عن مالِه وحُقُوقِه، فلا يَبْقَى مُسْتَحِقًا للقَسامَةِ. وهذا قولُ المُزَنِيِّ. ولأنَّ المُرْتَدَّ قد أقدَمَ على


(٧) سقط من: ب، م.
(٨) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>