للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأَصْحابِ الشَّافِعِىِّ اخْتِلَافٌ على نحوِ ما ذَكَرْنا. ولَنا، أنَّه سَلَّمَ ما شَرَطَ تَسْلِيمَه في مكانٍ في غيرِه، فلم يَبْرَأْ، كما لو أحْضَرَ المُسَلَّمَ فيه في غير هذا (١٥) المَوْضِعِ الذي شَرَطَهُ، ولأنَّه قد سَلَّمَ (١٦) في مَوْضِعٍ لا يَقْدِرُ على إثْبَاتِ الحُجَّةِ فيه، لِغَيْبَةِ شُهُودِه، أو غيرِ ذلك، وقد يَهْرُبُ منه، ولا يَقْدِرُ على إمْسَاكِه، ويُفَارِقُ ما إذا أحْضَرَهُ قبلَ الأَجَلِ، فإنَّه عَجَّلَ الحَقَّ قبل أجَلِه، فَزادَه خَيْرًا، فإذا لم يكُنْ فيه ضَرَرٌ وَجَبَ قَبُولُه. وإن وَقَعَتِ الكَفَالَةُ مُطْلَقَةً، وَجَبَ تَسْلِيمُه في مكانِ العَقْدِ، كالسَّلَمِ. فإن سَلَّمَهُ في غيرِه، فهو كتَسْلِيمِه في غير المكانِ الذي عَيَّنَهُ. وإن كان المَكْفُولُ به مَحْبُوسًا عند غيرِ الحاكِمِ، لم يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُه (١٧) مَحْبُوسًا؛ لأنَّ ذلك الحَبْسَ يَمْنَعُه اسْتِيفَاءَ حَقِّه. وإن كان مَحْبُوسًا عند الحاكِمِ، فسَلَّمَهُ إليه مَحْبُوسًا لَزِمَهُ تَسْلِيمُه (١٨)؛ لأنَّ حَبْسَ الحاكِمِ لا يَمْنَعُه اسْتِيفَاءَ حَقِّه. وإذا طَالَبَ الحاكِمُ بإِحْضَارِه، أحْضَرَهُ مَجْلِسَه، وحَكَمَ بينهما، ثم يَرُدُّه إلى الحَبْسِ. فإن تَوَجَّهَ عليه حَقٌّ لِلْمَكْفُولِ له، حَبَسَهُ بالحَقِّ الأَوَّلِ وحَقِّ (١٩) المَكْفُولِ له (٢٠).

فصل: وإن كَفَلَ إلى أجَلٍ مَجْهُولٍ، لم تَصِحَّ الكَفالةُ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ؛ لأنَّه ليس له وَقْتٌ يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتُه فيه، وهكذا الضَّمَانُ. وإن جَعَلَهُ إلى الحَصادِ والجِزَازِ والعَطَاءِ، خُرِّجَ على الوَجْهَيْنِ، كالأَجَلِ في البَيْعِ (٢١). والأَوْلَى صِحَّتُها (٢٢) هنا؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ من غير عِوَضٍ، جَعَلَ له أجَلًا لا يَمْنَعُ من حُصُولِ المَقْصُودِ منه، فصَحَّ،


(١٥) سقط من: أ، ب.
(١٦) في ب: "تسلمه".
(١٧) في ب: "تسلمه".
(١٨) في الأصل: "تسلمه".
(١٩) في م: "أو حق".
(٢٠) في ب: "به".
(٢١) في الأصل: "المبيع".
(٢٢) في ب: "صحته".

<<  <  ج: ص:  >  >>