للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمْكَنَه إخْرَاجُ البَهِيمَةِ من غير إتْلَافٍ لم يَجُزْ له إتْلَافُها. فإن أتْلَفَها فى هذه الحال غَرِمَهَا، وإن لم يُمْكِنْه إزَالَتُها إلَّا بالإِتْلَافِ، فله ذلك، ولا شىءَ عليه؛ فإنَّه لا يَلْزَمُه إقْرَارُ مالِ غيرِه فى مِلْكِه. فإن صَالَحَهُ على إقْرَارِها بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ، فَاخْتَلَفَ أصْحَابُنا. فقال ابنُ حامِدٍ وابنُ عَقِيلٍ: يجوزُ ذلك رَطْبًا كان الغُصْنُ أو يَابِسًا؛ لأنَّ الجَهَالَةَ فى المُصالَحِ عنه لا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، لِكَوْنِها لا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ، بِخِلَافِ العِوَضِ، فإنَّه يَفْتَقِرُ إلى العِلْمِ؛ لِوُجُوبِ تَسْلِيمِه، ولأنَّ الحاجَةَ دَاعِيَةٌ إلى الصُّلْحِ عنه، لكَوْنِ ذلك يَكْثُرُ فى الأَمْلَاكِ المُتَجَاوِرَةِ، وفى القَطْعِ إِتْلَافٌ وضَرَرٌ، والزِّيَادَةُ المُتَجَدِّدَةُ يُعْفَى عنها، كالسِّمَنِ الحادِثِ فى المُسْتَأْجَرِ لِلرُّكْوبِ، والمُسْتَأْجِرِ للغُرْفةِ يَتَجَدَّدُ له الأَوْلَادُ، والغِرَاسِ الذى يَسْتَأْجِرُ له الأَرْضَ يَعْظُمُ ويَجْفُو. وقال (٢٥) أبو الخَطَّابِ: لا تَصِحُّ المُصَالَحَةُ عنه بحالٍ، رَطْبًا كان أو يَابِسًا؛ لأنَّ الرَّطْبَ يَزِيدُ ويَتَغَيَّرُ، واليَابِسُ يَنْقُصُ، وَرُبَّما ذَهَبَ كلُّه. وقال القاضى: إن كان يَابِسًا مُعْتَمِدًا على نَفْسِ الجِدَارِ، صَحَّتِ المُصَالَحَةُ عنه؛ لأنَّ الزِّيَادَةَ مَأْمُونَةٌ فيه، ولا يَصِحُّ الصُّلْحُ على غيرِ ذلك؛ لأنَّ الرَّطْبَ يَزِيدُ فى كل وَقْتٍ، وما لا يَعْتَمِدُ على الجِدَارِ، لا يَصِحُّ الصُّلْحُ عليه؛ لأنَّه تَبَعُ الهَوَاءِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. واللَّائِقُ بمَذْهَبِ أحْمَدَ صِحَّتُه؛ لأنَّ الجَهَالَةَ فى المُصالَحِ عنه لا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ إذا لم يكُنْ إلى العِلْمِ به سَبِيلٌ، وذلك لِدُعَاءِ الحَاجَةِ اليه، وكَوْنِه لا يَحْتَاجُ إلى تَسْلِيمٍ، وهذا كذلك. والهَوَاءُ كالقَرَارِ فى كونِه مَمْلُوكًا لِصَاحِبِه، فَجازَ الصُّلْحُ على ما فيه، كالذى فى القَرَارِ.

فصل: وإن صَالَحَهُ على إقْرَارِهَا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ من ثَمَرِهَا، أو بِثَمَرِهَا كلِّه، فقد نَقَلَ المَرُّوذِىُّ وإسحاقُ بن إبراهيمَ، عن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ عن ذلك، فقال: لا أَدْرِى. فيَحْتَمِلُ أن يَصِحّ. ونحوَه قال مَكْحُولٌ، فإنَّه نُقِلَ عنه أنَّه قال: أيُّما شَجَرَةٍ ظَلَّلَتْ على قَوْمٍ، فهم بالخِيَارِ بين قَطْعِ ما ظَلَّلَ، أو أَكْلِ ثَمَرِهَا. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ. وهو قَوْلُ


(٢٥) سقطت الواو من الأصل، أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>