للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ أبي سليمان: لا بَأْسَ أنْ يَتَيَمَّمَ بالرُّخَامِ؛ لِمَا رَوَى البُخَارِىُّ، عَن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "جُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا (٤) ". وعَنْ أبي هُرَيْرة، أنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نكونُ بالرَّمْلِ فتُصِيبُنا الجَنابةُ، والحَيْضُ، والنِّفَاسُ، ولا نَجِدُ الماءَ أَرْبَعَةَ أشهُرٍ أو خَمْسَةَ أشْهُرٍ، فقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عَلَيْكُمْ بالْأَرْضِ" (٥). ولأنَّه (٦) مِنْ جِنْسِ الأرضِ، فجاز التَّيَمُّمُ به كالتُّرَابِ. ولَنا، الآيةُ؛ فإنَّ اللهَ سبحانه أمرَ بالتَّيَمُّمِ بالصَّعِيدِ، وهو التُّرَابُ، فقال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، ولا يَحْصُلُ المَسْحُ بشيءٍ منه، إلَّا أنْ يكونَ ذا غُبَارٍ يَعْلَقُ باليَدِ، ورُوِىَ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ نَبِىٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ، جُعِلَ لِىَ التُّرَابُ طَهُورًا". وذَكَرَ الحديثَ، رَوَاهُ الشَّافِعِىُّ في "مُسْنَدِهِ" (٧)، ولَوْ كانَ غَيْرُ التُّرَابِ طَهُورًا لذَكَرَهُ فِيمَا مَنَّ اللهُ تَعالَى بِهِ عَلَيْهِ، وقَدْ رَوَى حُذَيْفَةُ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وتُرَابُها طَهُورًا" (٨). فَخَصَّ تُرَابَها بكَوْنهِ طَهُورًا، ولأنَّ الطَّهَارَةَ اختَصَّتْ بأَعَمِّ المائِعَاتِ وُجُودًا، وهو الماءُ، فتَخْتَصُّ بأَعَمِّ الجامِداتِ وُجُودًا، وهو التُّرَابُ، وخَبَرُ أبى ذَرٍّ نَخُصُّهُ بِحَدِيثِنا، وخَبَرُ أبى هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ المُثَنَّى بنُ الصَّبَّاح (٩)، وهو ضعيفٌ.

فصل: وعن أحمد، رحمَه اللهُ، روَايَةٌ أُخْرَى، في السَّبَخَةِ والرَّمْلِ، أنَّه يَجوزُ


(٤) تقدم في صفحة ١٣.
(٥) أخرجه البيهقي، في: باب ما روى في الحائض والنفساء أيكفيهما التيمم إلخ، من كتاب الطهارة. السنن الكبرى ١/ ٢١٦، ٢١٧. والإمام أحمد، في مسنده، انظر: الفتح الربانى ٢/ ١٨٩، ١٩٠. وروى: "عليك بالتراب".
(٦) في م: "وأنه".
(٧) لم نجده في مسند الإمام الشافعي، المطبوع بحاشية الجزء السادس من الأم، ولا بترتيب مسند الشافعي للسندى. وهو في مسند الإمام أحمد ١/ ٩٨، ١٥٨. وانظر ما سبق في صفحة ١٣.
(٨) حديث حذيفة أخرجه مسلم، في: باب مواضع الصلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم ١/ ٣٧١.
(٩) أبو عبد اللَّه المثنى بن الصباح اليماني الأَبْنَاوى المكي، مضطرب الحديث، ضعيف، توفى سنة تسع وأربعين ومائة. تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٥ - ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>