للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصْحابِهِ. وقال: لا أعْلَمُ فيه شيئًا؛ لأنَّه لو كان فيه دُعاءٌ مَشْرُوعٌ لَنُقِلَ. وَرُوِىَ عن أحمدَ أنَّه يَدْعُو، ثم يُسَلِّمُ؛ لأنَّه قِيامٌ في صَلَاةٍ، فكان فيه ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، كالذى قبلَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ. قال ابنُ أبي موسى، وأبو الخَطَّابِ: يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (١). وقِيلَ يقولُ: اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، ولا تَفْتِنَّا بعدَه. وهذا الخِلافُ في اسْتِحْبَابِه، ولا خِلافَ في المذهبِ أنَّه غَيْرُ وَاجِبٍ، وأنَّ الوُقُوفَ بعد التَّكْبِيرِ قَلِيلًا مَشْرُوعٌ. وقد رَوَى الجُوزَجَانِيُّ، بإسْنَادِه عن زيدِ بنِ أرْقَمَ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، ثم يقولُ ما شَاءَ اللهُ، ثم يَنْصَرِفُ (٢). قال الجُوزَجَانِيُّ: وكنت أَحْسَبُ أنَّ (٣) هذه الوَقْفَةَ لِيُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ، فإنَّ الإِمامَ إذا كَبَّرَ ثم سَلَّم، خِفْتُ أن يكونَ تَسْلِيمُه قبل أن يُكَبِّرَ آخِرُ (٣) الصُّفُوفِ، فإن كان هكذا فَاللهُ عَزَّ وجَلَّ المُوَفِّقُ له، وإن كان غيرَ ذلك فإنِّى أَبْرَأُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ مِن أنْ أَتَأَوَّلَ على رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمْرا لم يُرِدْهُ، أو أرَادَ خِلافَهُ.

٣٦٢ - مسألة؛ قال: (ويَرْفَعُ يَدَيْهِ في كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أن المُصَلِّىَ على الجَنائِزِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا، وكان ابنُ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وبه قال سَالِمٌ، وعمرُ بن عبدِ العزيزِ، وعَطَاءٌ، وقَيْسُ بن أبي حَازِمٍ، والزُّهْرِيُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ، والأوْزَاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ. وقال مَالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ: لا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا في الأُولَى؛ لأنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مَقامُ رَكْعَةٍ، ولا تُرْفَعُ الأيْدِى في جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، قال: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْفَعُ يَدَيْهِ في كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (١).


(١) سورة البقرة ٢٠١.
(٢) أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٧٠.
(٣) سقط من: الأصل.
(١) عزاه الزيلعي إلى الدارقطني في "علله" مرفوعا عن ابن عمر. نصب الراية ٢/ ٢٨٥. وأخرجه البيهقي =

<<  <  ج: ص:  >  >>