للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكيف يُعارَضُ بقولِ ابنِ عمرَ، ولو لم يكنْ فيه حَدِيثٌ لكان قولُ الخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ مع من قد ذَكَرْنَا قَوْلَه من فُقهاءِ الصَّحَابَةِ، أَوْلَى من قَوْلِ ابنِ عمرَ، وغيرُ هذا اللَّفْظِ، ممَّا (٥) يُؤدِّى معناه، يقُومُ مَقَامَهُ؛ لأنَّ المَقْصُودَ المَعْنَى، والعِبارَةُ إنَّما تُعْتَبَرُ لِتَأْدِيَةِ المَعْنَى. قال إبراهيمُ: خَرَجْنا مع عَلْقَمَةَ، وهو يُرِيدُ العُمْرَة، فقال: اللَّهُمَّ إنِّى أُرِيدُ العُمْرَةَ إن تَيَسَّرَتْ، وإلَّا فلا حَرَجَ عَلَىَّ. وكان شُرَيْحٌ يَشْتَرِطُ: اللَّهُمَّ قد عَرَفْتَ نِيَّتِى، وما أُرِيدُ، فإن كان أمْرًا تُتِمُّه فهو أحَبُّ إلىَّ، وإلَّا فلَا حَرَجَ عَلَىَّ. ونحوُه عن الأسْوَدِ. وقالت عائشةُ لِعُرْوَةَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّى أُرِيدُ الحَجَّ، وإيَّاهُ نَوَيْتُ، فإن تَيَسَّرَ، وإلَّا فعُمْرَةٌ. ونحوُه عن عُمَيْرَةَ بنتِ (٦) زِيادٍ.

فصل: فإن نَوَى الاشْتِرَاطَ، ولم يَتَلَفَّظْ به، احْتَمَل أن يَصِحَّ؛ لأنَّه تَابعٌ لِعَقْدِ الإحْرامِ، والإحْرَامُ (٧) يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، فكذلك تَابِعُه، واحْتَمَلَ أنْ يُعْتَبَرَ فيه القَوْلُ لأنَّه اشْتِرَاطٌ، فاعْتُبِرَ فيه القَوْلُ، كالاشتِرَاطِ فى النَّذْر والوَقْفِ والاعْتِكَافِ، ويَدُلُّ عليه ظَاهِرُ قَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ: " قُولِى مَحِلِّى مِنَ الْأرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِى".

٥٦٠ - مسألة؛ قال: (وإنْ أرَادَ الْإفْرَادَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّى أُرِيدُ الحَجَّ. ويَشْتَرِطُ)

الإفْرادُ: هو الإحْرَامُ بِالحَجِّ مُفْرَدًا مِن المِيقَاتِ، وهو أحَدُ الأنْساكِ الثَّلاثةِ، والحُكْمُ فى إحْرامِه كالحُكْمِ فى إحْرامِ العُمْرَةِ، سَوَاءٌ، فيما يَجِبُ ويُسْتَحَبُّ (١)


(٥) فى الأصل: "بما".
(٦) فى أ، ب، م: "بن". ولم نجد ترجمة عميرة بنت زياد. ولعلها عميرة بنت يزيد. انظر ترجمتها فى: الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/ ٢٣٣. وذكرها ابن الأثير. باسم عمرة. أسد الغابة ٧/ ٢٠٦.
(٧) سقط من: الأصل.
(١) فى الأصل: "ويشترط".

<<  <  ج: ص:  >  >>