للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْقَلِبْ إلى أهْلِى حتى سَمِعْتُ النِّدَاءَ، فلم أَزِدْ على أن تَوَضَّأْتُ. قال عمرُ: الوُضُوءَ أيضًا؟ وقد عَلِمْتَ أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَأْمُرُ بالغُسْلِ. مُتَّفَقٌ عليه (٢٣). ولأنَّ تَحْرِيمَ الكَلَامِ عِلَّتُه الاشْتِغَالُ به عن الإِنْصَاتِ الوَاجِبِ، وسَمَاعِ الخُطْبَةِ. ولا يَحْصُلُ ها هنا، وكذلك مَن كَلَّمَ الإِمامَ لحاجةٍ، أو سَأَلَهُ عن مَسْأَلَةٍ، بِدَلِيلِ الخَبَرِ الذي تَقَدَّمَ ذِكْرُه.

فصل: وإذا سَمِعَ الإِنْسَانُ مُتَكَلِّمًا لم يَنْهَهُ بالكلامِ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ" (٢٤). ولكنْ يُشِيرُ إليه. نَصَّ عليه أحمدُ. فيَضَعُ أُصْبُعَهُ على فِيهِ. وممَّن رَأَى أن يُشِيرَ ولا يَتَكَلَّمَ، زَيْدُ بن صُوحَانَ (٢٥)، وعبدُ الرحمنِ بن أبي لَيْلَى، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وكَرِهَ الإِشارةَ طَاوُسٌ. ولَنا، أنَّ الذي قال للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- متى السَّاعَةُ؟ أوْمَأَ النَّاسُ إليه بحَضْرَةِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسُّكُوتِ، ولأنَّ الإِشَارَةَ تجوزُ في الصلاةِ التي يُبْطِلُها الكلامُ، ففى الخُطْبَةِ أوْلَى.

فصل: فأمَّا الكلامُ الوَاجِبُ، كتَحْذِيرِ الضَّرِيرِ من البِئْرِ، أو مَن يخافُ عليه نَارًا، أو حَيَّةً أو حَرِيقًا، ونحوَ ذلك، فله فِعْلُه؛ لأنَّ هذا يَجوزُ في نَفْسِ الصلاةِ مع إفْسادِها به (٢٦)، فها هُنا أوْلَى. فأمَّا تَشْمِيتُ العاطِسِ، ورَدُّ السَّلامِ، ففيه رِوايتانِ. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ سُئِلَ، يَرُدُّ الرَّجُلُ السَّلامَ يَوْمَ الجُمُعَةِ؟


(٢٣) أخرجه البخارى، في: باب فضل الغسل يوم الجمعة. . . . إلخ، من كتاب الجمعة. صحيح البخاري ٢/ ٢، ٣. ومسلم، في: أول كتاب الجمعة. صحيح مسلم ٢/ ٥٨٠. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الاغتسال يوم الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى ٢/ ٢٨٠. والإِمام مالك، في: باب العمل في غسل يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. الموطأ ١/ ١٠١، ١٠٢. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٩، ٣٠، ٤٥.
(٢٤) تقدم تخريجه في صفحة ١٩٥.
(٢٥) زيد بن صوحان، كان من سادة التابعين، صواما قواما، توفى سنة ست وثلاثين. العبر ١/ ٣٦.
(٢٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>