للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرًّا: نصفُ الجَلْدِ (٣). وجَلَدَ أبو بكرِ بنُ محمدِ بنِ عمرو بنِ حَزْمٍ عبدًا قَذَفَ حُرًّا ثمانين (٤). وبه قال قَبِيصَةُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ. ولعلَّهم ذَهبُوا إلى عُمومِ الآية. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ للإِجْماعِ المَنْقُولِ عن الصحابةِ، رَضِىَ اللهُ عنهم، ولأنَّه حَدٌّ يتبعَّضُ، فكان العبدُ فيه على النِّصْفِ من الحُرِّ، كحَدِّ الزِّنَى، وهذا (٥) يَخُصُّ عمومَ الآيةِ (٦)، وقد عِيبَ على أبِى بكرِ ابنِ (٧) عمرو بن حَزْمٍ جَلْدُه العبدَ ثمانينَ. وقال عبدُ اللَّه بنُ عامرٍ بن ربيعةَ: ما رأَيْنَا أحدًا قبلَهُ جَلَدَ العَبْدَ ثمانين. وقال سعيدٌ: حدَّثنا (٨) عبد الرحمن بنُ أبي الزِّناد، عن أبيه، قال: حضرتُ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ، جَلَدَ عبدًا ثمانين، فأنْكرَ ذلك مَن حَضَرَهُ من النَّاسِ، وغيرُهم من الفقهاءِ، فقال لي عبدُ اللَّه بنُ عامرِ بنِ ربيعةَ: إنِّي رأيتُ واللهِ عمرَ بنَ الخطابِ، ما رأيتُ أحدًا جَلَدَ عبدًا في فِرْيَةٍ فوقَ أربعينَ (٩). إذا ثبتَ أنَّه أربعونَ، فإنَّه يكونُ بدُونِ السَّوْطِ الذي يُجْلَدُ به الحُرُّ؛ لأنَّه لَمَّا خُفِّفَ في قَدْرِه، خُفِّفَ في سَوْطِهِ، كما أنَّ الحدودَ في أنْفُسِها كلَّما قلَّ منها، كان سَوْطُه (١٠) أخفَّ، فالجلدُ في الشُّرْبِ أخفُّ منه في القَذْفِ، وفى القذفِ أخفُّ منه في الزِّنَى. ويَحْتَمِلُ أن يُساوِىَ العبدُ الحُرَّ في السَّوْطِ؛ لأنَّه على النِّصفِ، ولا يتحقَّقُ التَّنْصِيفُ إلَّا مع المُساواةِ في السَّوْطِ.

فصل: وإذا قَذَفَ ولدَه، وإن نَزَلَ، لم يجبِ الحَدُّ عليه، سواءٌ كان القاذِفُ رجلًا


(٣) أخرجه البيهقي، في: باب العبد يقذف حرا، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٥١. وعبد الرزاق، في: باب العبد يفترى على الحر، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٤٣٧. وابن أبي شيبة، في: باب في العبد يقذف الحر. . ., من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٠٢.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال: يضرب العبد في القذف ثمانين، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٠٣.
(٥) في ب، م: "وهو".
(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من: ب. وفى الأصل: "بن عمر بن عمرو". وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.
(٨) في م زيادة: "ابن".
(٩) هو الأثر الذي تقدم تخريجه في صدر المسألة.
(١٠) في م: "سقوطه" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>