للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعترافُ (١٢). وقولُهم: إنَّنا صَدَّقْناهَا في إنْكارِها. لا يَصِحُّ، فإنَّنا لم نَحْكُمْ بصِدْقِها، وانْتفاءُ الحَدِّ إنَّما كان لعَدَمِ المُقْتَضِى، وهو الإِقْرارُ أو البَيِّنَةُ، لا لوُجودِ التَّصْدِيقِ؛ بدليلِ ما لو سكتَتْ، أو لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الحُرَّ والعبدَ، والبِكْرَ والثَّيِّبَ، في الإِقْرارِ سَواءٌ؛ لأنَّه أحدُ حُجَّتَىِ الزِّنَى، فاسْتَوَى فيه الكُلُّ، كالبَيِّنَةِ.

١٥٥٩ - مسألة؛ قال: (وَهُوَ بَالِغٌ صَحِيحٌ عَاقِلٌ)

أمَّا البلوغُ والعقلُ، فلا خلافَ في اعْتبارِهما في وُجوبِ الحَدِّ، وصِحَّةِ الإِقْرارِ؛ لأنَّ الصَّبِىَّ والمجنونَ قد رُفِعَ القَلَمُ عنهما، ولا حُكْمَ لكلامِهِما. وقد روَى (١) علىٌّ، رَضِىَ اللَّه عنه، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ". روَاه أبو داودَ، والتِّرمذِىُّ (٢). وقال: حديثٌ حَسَنٌ. وفي حديثِ ابنِ عباسٍ، في قِصَّةِ ماعِزٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سأل قَوْمَه: "أمَجْنُونٌ هُوَ؟ ". قالوا: ليس به بَأْسٌ (٣). ورُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له حينَ أقرَّ عندَه: "أَبِكَ جُنُونٌ؟ " (٣). ورَوَى (٤) أبو داودَ (٥)، بإسْنادهِ، قال: أُتِىَ عمرُ بمَجْنونَةٍ قد زنَتْ، فاسْتشارَ فيها أُناسًا، فأمرَ بها عمرُ أن تُرْجَمَ، فمرَّ بها علىُّ بنُ أبى طالبٍ، رَضِىَ اللَّه عنه، فقال: ما شأنُ هذه؟ . قالوا: مَجْنونةُ آلِ فلانٍ زَنَتْ، فأمرَ بها


(١٢) تقدم تخريجه، في: ١١/ ١١.
(١) في ب، م زيادة: "عن".
(٢) تقدم تخريجه، في: ٢/ ٥٠.
(٣) تقدم تخريجه، في صفحة ٣٥٥.
(٤) في ب، م: "وقد روى".
(٥) في: باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٥٢.
كما أخرجه الإِمام أحمد في: المسند ١/ ١٤٠، ١٥٤، ١٥٥. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ١٩٣. والبيهقي، في: باب المجنون يصيب حدا، من كتاب السرقة. السنن الكبرى ٨/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>