للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْتَبَرَ البَيِّنَةَ، وإطْلاقُها ينْصَرفُ إلى شاهِدَيْن، ولأنَّها دَعْوَى للقَتْلِ، فاعْتُبِرَ شاهدان، كقَتْلِ العَمْد.

فصل: ويجوزُ سَلْبُ القَتْلَى وَتَرْكُهم عُراةً. وهذا قولُ الأوْزَاعِىِّ. وكرِهَه الثَّوْرِىُّ، وابنُ المُنذِرِ، لما فيه من كَشْفِ عَوْراتِهم. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى قَتِيلِ سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ: "لَهُ سَلَبُهُ أجْمَعُ" (١٥). وقال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ". وهذا يتناوَلُ جَمِيعَه.

١٦٤١ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أعْطَاهُمُ الْأمَانَ مِنَّا؛ مِنْ رجُلٍ، أو امْرَأةٍ، أو عَبْدٍ، جَازَ أمَانُهُ)

وجملتُه أنَّ الأمانَ إذا أُعْطِىَ أهلَ الحربِ، حَرُمَ قَتْلُهم ومالُهم والتعرُّضُ لهم. ويصِحُّ من كلِّ مُسْلِم بالغٍ عاقلٍ مُخْتارٍ، ذكرًا كان أو أُنْثى، حُرًّا كان أو عبدًا. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ القاسِمِ، وأكثرُ أهلِ العلمِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ بن الخطَّابِ، رضِىَ اللهُ عنه. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ: لا يصحُّ أمانُ العبْدِ، إلَّا أنْ يكونَ مَأْذُونًا له فى القِتالِ؛ لأنَّه لا يجبُ عليه الجهادُ، فلا يصِحُّ [أمانه، كالصَّبِىِّ] (١)، ولأنَّه مَجْلُوبٌ من دارِ الحَرْبِ (٢)، فلا يُؤْمَنُ أنْ ينْظُرَ لهم فى (٣) تَقْدِيمِ مَصْلحَتِهم. ولَنا، ما روَى علىٌّ (٤)، عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أدْناهُم، فَمَنْ أخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَليْهِ لَعْنَةُ اللهِ والْمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". روَاه البُخارِىُّ (٥). ورَوَى فُضَيْلُ بن يزيدَ الرَّقاشِىُّ، قال: جهَّزَ عمرُ بن الخطَّابِ جيشًا، فكنْتُ فيه، فحَصَرْنا مَوْضِعًا، فرأيْنا


(١٥) تقدم تخريجه، فى صفحة ٦٨.
(١) فى م: "أمانة الصبى".
(٢) فى م: "الكفر".
(٣) سقط من: الأصل، م.
(٤) سقط من: م.
(٥) تقدم تخريجه عن على وغيره، فى: ١١/ ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>