للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَةٍ يَطَؤُها، من غيرِ تَفْريقٍ بين الآيِسَةِ وغيرِها. والأوْلَى أن ذلك لا يجبُ في الآيِسَةِ؛ لأنَّ عِلَّةَ الوُجُوبِ احْتمالُ الحَمْلِ، وهو وَهْمٌ بعيدٌ، والأصْلُ عَدَمُه، فلا نُثْبِتُ به حُكْمًا بمُجَرَّدِه.

فصل: وإذا اشْتَرَى جارِيةً، فظَهَرَ بها حَمْلٌ، لم يَخْلُ من أحْوالٍ خمسة؛ أحدها، أن يكونَ البائعُ أقَرَّ بوَطْئِها عندَ البيعِ أو قبلَه، وأتَتْ [بوَلدٍ لدُونِ] (٣٨) السِّتّةِ أشْهُرٍ، أو يكونَ البائعُ ادَّعَى الولَدَ، فصَدَّقَه المُشْتَرِى، فإنَّ الوَلَدَ يكونُ للبائعِ، والجارِيةُ أُمُّ وَلَدٍ له، والبَيعُ باطِلٌ. الحال الثاني، أن يكونَ أحَدُهما اسْتَبْرَأها، ثم أتَتْ بوَلَدٍ لأكثرَ من سِتَّةِ أشْهُرٍ من حينَ وَطِئَها المُشْترِى، فالوَلَدُ للمُشْتَرِى، والجاريةُ أمّ ولدِه (٣٩). الحال الثالث، أن تَأْتِىَ به لأكثرَ من سِتَّةِ أشْهُرٍ بعدَ اسْتِبْراءِ أحَدِهما لها، ولأقَلَّ من سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ وَطِئَها المُشْترِى، فلا يَلْحَقُ نَسَبُه بواحدٍ منهما، ويكون مِلْكًا للمُشْترِى، ولا يَمْلِكُ فَسْخَ البَيْعِ؛ لأنَّ الحَمْلَ تَجَدَّدَ في مِلْكِه ظاهرًا. فإن ادَّعاه كلُّ واحدٍ منهما، فهو للمُشْترِى؛ لأنَّه وُلِدَ في مِلْكِه مع احْتمالِ كَوْنِه منه، وإن ادَّعاه البائعُ وحدَه، فصَدّقَه المُشْترِى، لَحِقَه، وكان البيعُ باطلًا، وإن كَذّبَه، فالقولُ قولُ المُشْترِى في مِلْكِ الولدِ؛ لأنَّ المِلْكَ انْتَقَلَ إليه ظاهرًا، فلم تُقْبَلْ دَعْوَى البائعِ فيما يُبْطِلُ حَقَّه، كما لو أقَرَّ بعدَ البيعِ أنَّ الجارِيةَ مَغْصُوبةٌ أو مُعْتَقةٌ. وهل يَثْبُتُ نَسَبُ الولدِ من البائعِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَثْبُتُ؛ لأنَّه نَفْعٌ للولَدِ من غيرِ ضَرَرٍ على المُشْترِى، فيُقْبَلُ قولُه فيه، كما لو أقَرَّ لوَلَدِه بمالٍ. والثانى، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا على المُشْترِى، فإنَّه لو أعْتَقَه كان أبوه أحَقَّ بمِيراثِه منه، ولذلك لو أقَرَّ عَبْدانِ كلُّ واحدٍ منهما أنَّه أخو صاحِبهِ، لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. الحال الرابع، أن تأتِىَ به بعد سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ وَطِئَها المُشْترِى قبلَ اسْتِبْرائِها، فنَسَبُه لاحِقٌ بالمُشْترِى (٤٠)، فإن ادَّعاه البائعُ، فأقَرَّ له المُشْترِى، لَحِقَه، وبَطَلَ


(٣٨) في أ: "بالولد لأقل".
(٣٩) في ب، م: "ولد له".
(٤٠) في ب: "للمشترى".

<<  <  ج: ص:  >  >>