للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْتَحَبُّ ذلك، ليُعْلَمَ خُلُوُّها من الحَمْلِ، فيكونَ أحْوَطَ للمُشْتَرِى، وأقْطَعَ للنِّزاعِ. قال أحمدُ: وإن كانتْ (٣٣) لِامرأةٍ، فإنِّى أُحِبُّ أن لا تَبِيعَها حتى تَسْتَبْرِئَها بحَيْضةٍ، فهو أحْوَطُ لها. وإن كان يَطَؤُها، وكانت آيِسَةً، فليس عليه اسْتِبْراؤُها؛ لأنَّ انْتِفاءَ الحَمْلِ مَعْلُومٌ. إن كانتْ ممَّن تَحْمِلُ، وَجَبَ عليه اسْتِبْراؤُها. وبه قال النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، لا يجبُ عليه اسْتِبْراؤُها. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ؛ لأنَّ عبدَ الرحمنِ بن عَوْفٍ باعَ جارِيةً كان يَطَؤُها قبلَ اسْتِبْرائِها (٣٤). ولأنَّ الاسْتِبْراءَ على المُشْتَرِى، فلا يجبُ على البائعِ، فإنَّ الاسْتِبْراءَ في حَقِّ الحُرَّةِ آكَدُ، ولا يجبُ قبلَ النكاحِ وبعدَه، كذلك لا يجبُ في الأمَةِ قبلَ البَيْعِ وبعدَه. ولَنا، أنَّ عمرَ أنْكَرَ على عبدِ الرحمن بن عَوْفٍ بَيْعَ جاريةٍ كان يَطَؤُها [قبلَ اسْتِبْرائِها، فرَوَى عبدُ اللَّه بن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ، قال: باع عبدُ الرحمن بنُ عَوفٍ جارِيةً كَان يَقَعُ عليها] (٣٥) قبلَ أن يَسْتَبْرئَها، فظَهَرَ بها حَمْلٌ عندَ الذي اشْتراها، فخاصَمُوه إلى عمرَ، فقال له عمرُ: كُنْتَ تَقَعُ عليها؟ قال: نعم. قال: فبِعْتَها قبلَ أن تَسْتَبْرِئَها؟ قال: نعم. قال: ما كُنْتَ لذلك بخَلِيقٍ. قال: فدَعا القافةَ، فنَظَرُوا إليه، فأَلْحَقُوه به (٣٤). ولأنَّه يجبُ على المُشْترِى الاسْتِبْراءُ لحِفْظِ مائِه، فكذلك البائعُ، ولأنَّه قبلَ الاسْتِبْراءِ مَشْكُوكٌ في صِحَّةِ البَيْعِ وجَوازِهِ، لِاحْتمالِ أن تكونَ أُمَّ ولدٍ، فيجبُ الاسْتِبْراءُ لإِزالةِ الاحْتمالِ، فإن خالَفَ وباعَ، فالبيعُ (٣٦) صحيحٌ في الظاهرِ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُ الحملِ، ولأنَّ عمرَ وعبدَ الرحمنِ، لم يَحْكُما بفَسادِ البيعِ في الأمَةِ التي باعَها قبلَ اسْتِبْرائِها (٣٧) إلَّا بلَحاقِ الوَلَدِ به، ولو كان البيعُ باطلًا قبلَ ذلك، لم يَحْتَجْ إلى ذلك. وذكر أصحابُنا الرِّوايتَيْن في كلِّ


(٣٣) في الأصل، أ، م: "كان".
(٣٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الرجل يريد أن يبيع الجارية من قال: يستبرئها، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٢٢٨.
(٣٥) سقط من: ب.
(٣٦) في ازيادة: "بيع".
(٣٧) في أ: "أن يستبرئها".

<<  <  ج: ص:  >  >>