للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٠٠ - مسألة؛ قال: (وَإذَا بَلَغ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ، خُيِّرَ بَيْنَ أبَوَيْهِ، فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا)

وجملتُه أنَّ الغلامَ إذا بَلَغ سَبْعًا، وليس بمَعْتُوهٍ، خُيِّرَ بين أبَوَيْه، إذا تنازَعا فيه، فمَن اختارَ (١) منهما، فهو أَوْلَى به. قضَى بذلك عمرُ، وعلىٌّ، وشُرَيْحٌ. وهو مذهبُ الشافعىِّ، وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ: لا يُخَيَّرُ. لكنْ قال أبو حنيفةَ: إذا اسْتَقَلَّ بنَفْسِه، فأكَلَ بنَفْسِه، ولَبِسَ بنفسِه، واسْتَنْجىَ بنفسِه، فالأبُ أحَقُّ به. ومالكٌ يقول: الأمُّ أحَقُّ به حتى يُثْغِرَ (٢)، وأمَّا التَّخْييرُ، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ الغُلامَ لا قَوْلَ له، ولا يَعْرِفُ حَظَّه، وربَّما اختارَ مَنْ يَلْعَبُ عندَه ويَتْرُكُ تَأْدِيبَه، ويُمَكِّنُهُ من شَهَواتِه، فيُؤَدِّى إلى فَسادِه، ولأنَّه دُونَ البُلُوغِ، فلم يُخَيَّرْ، كمَن دُونَ السَّبْعِ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرةَ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَيَّرَ غُلامًا بين أبِيه وأُمِّه. روَاه سعيدٌ، بإسْنادِه، والشافعيُّ (٣). وفى لفظٍ عن أبي هُرَيْرةَ، قال: جاءتِ امرأةٌ إلى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالتْ: يا رسولَ اللَّه، إنَّ زَوْجى يريدُ أن يَذْهَبَ بابْنِى، وقد سَقَانِى من بِئْرِ أبى عِنَبَةَ (٤)، وقد نَفَعَنِى. فقال له النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذَا أبُوكَ، وهذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أيِّهِمَا شِئْتَ". فأخَذَ بيدِ أُمِّه, فانْطَلَقَتْ به. روَاه أبو داودَ (٥)، ولأنَّه إجْماعُ الصَّحابةِ، فرُوِىَ عن عمرَ، أنَّه خَيَّرَ


(١) في أ، م: "اختاره".
(٢) في م: "يعرب" تحريف. وأثغر الغلام: ألقى ثغره، ونبت ثغره، ضِدٌّ.
(٣) أخرجه سعيد في: باب الغلام بين الأبوين أيهما أحق به، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١١٠. وأخرجه الشافعي. انظر: الباب السابع في الحضانة، من كتاب الطلاق. ترتيب المسند ٢/ ٦٢، ٦٣.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى ٦/ ١٠٩. وابن ماجه، في: باب تخيير الصبى بين أبويه، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٨٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٤٦.
(٤) في م: "عتبة". وبئر أبى عنبة: على بعد ميل من المدينة. معجم البلدان ١/ ٤٣٤.
(٥) في: باب من أحق بالولد، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٣٠.
كما أخرجه الدارمي، في: باب في تخيير الصبى بين أبويه، من كتاب الطلاق. سنن الدارمي ٢/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>