للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْنِ عليه مِنَّةٌ في قَبُولِه مِن غيرِ غَرِيمِه، وههُنا بِخِلَافِه، ولأنَّ البائِعَ يَدَّعِي أنَّ الثَّمَنَ الذي يَدْفَعُه الشَّفِيعُ حَقٌّ لِلمُشْتَرِي عِوَضًا عن هذا المَبِيعِ، فصَارَ كالنَّائِبِ عن المُشْتَرِي في دَفْعِ الثَّمَنِ، والبائِعُ كَالنَّائِبِ عنه في دَفْعِ الشِّقْصِ، بخِلَافِ الدَّيْنِ، فإن كان البائِعُ مُقِرًّا بِقَبْضِ الثَّمَنِ من المُشْتَرِي، بَقِىَ الثَّمَنُ الذي على الشَّفِيعِ لا يَدَّعِيه أَحَدٌ؛ لأنَّ البائِعَ (٨٠) يقول: هو لِلمُشْتَرِي. [والمُشْتَرِي يقول: لا أَسْتَحِقُّه. ففيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ؛ أحَدها، أن يقال لِلْمُشْتَرِي] (٨١): إمَّا أن تَقْبِضَه (٨٢)، وإمَّا أن تُبْرِئَ منه. والثاني، يَأْخُذُه الحاكِمُ عندَه. والثالث، يَبْقَى في ذِمَّة الشَّفِيعِ. وفي جَمِيعِ ذلك متى ادَّعاهُ البائِعُ أو المُشْتَرِي، دُفِعَ إليه؛ لأنَّه لأحَدِهما. وإن تَدَاعَيَاهُ جَمِيعًا، فأَقَرَّ المُشْتَرِي بالبَيْعِ، وأَنْكَرَ البائِعُ [قَبْضَ الثَّمَنِ] (٨٣)، فهو لِلْمُشْتَرِي؛ لأنَّ البَائِعَ قد أَقَرَّ له به (٨٤)، ولأنَّ البائِعَ إذا أنْكَرَ القَبْضَ، لم يَكُنْ مُدَّعِيًا لهذا (٨٥) الثَّمنِ؛ لأنَّ البائِعَ لا يَسْتَحِقُّ على الشَّفِيعِ ثَمَنًا، إنَّما يَسْتَحِقُّه على المُشْتَرِي، وقد أَقَرَّ بالقَبْضِ منه، وأمَّا المُشْتَرِي فإنَّه يَدَّعِيه، وقد أَقَرَّ له باسْتِحْقَاقِه، فوَجَبَ دَفْعُه إليه.

٨٧٢ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ لَمْ يُطَالِبْ بِالشُّفْعَةِ في وَقْتِ عِلْمِهِ بالْبَيْعِ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ)

الصَّحِيحُ في المَذْهَبِ أنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ على الفَوْرِ، إن طَالَبَ بها سَاعَةَ يَعْلَمُ بالبَيْعِ، وإلَّا بَطلَتْ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايَةِ أبي طالِبٍ، فقال: الشُّفْعَةُ بالمُواثَبَةِ ساعَةَ يَعْلَمُ. وهذا قول ابن شُبْرُمَةَ، والبَتِّىِّ، والأَوْزَاعِىِّ، وأبي حنيفةَ، والعَنْبَرِيِّ، والشَّافِعِىِّ


(٨٠) في الأصل: "الدافع".
(٨١) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٨٢) في ب: "تقبل الثمن".
(٨٣) في الأصل، م: "أنه لم يقبض منه شيئًا".
(٨٤) سقط من: ب.
(٨٥) في ب، م: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>