للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يَسِيلَ الدَّمُ، وهما عِرْقَانِ عَرِيضَانِ غَلِيظَانِ من جَانِبَىْ ثَغْرَةِ النَّحْرِ، أو تَبْزِيغٍ، وهو فَتْحُ الرَّهْصَةِ (٥)، فَلِلرَّاهِنِ فِعْلُ ذلك، ما لم يَخَفْ منه ضَرَرًا. وإن احْتِيجَ إلى قَطْعِ شَىءٍ من بَدَنِه بِدَوَاءٍ لا يُخَافُ منه، جَازَ، وإن خِيفَ منه، [فأيُّهما امْتَنَعا منه] (٦) لم يُجْبَرْ. وإن كانت به آكِلَةٌ (٧) كان له قَطْعُها؛ لأنَّه يُخَافُ من تَرْكِها لا من قَطْعِهَا، لأنَّه لا يُحِسُّ بلَحْمٍ مَيِّتٍ. وإن كانتْ به خَبِيثَةٌ، فقال أهْلُ الخِبْرَةِ: الأَحْوَطُ قَطْعُها. وهو أَنْفَعُ من بَقَائِها، فَلِلرَّاهِنِ ذلك، وإلَّا فليس له فِعْلُه. وإن تَسَاوَى الخَوْفُ عليه فى الحَالَيْنِ، لم يكُنْ له قَطْعُها؛ لأنَّه يُحْدِثُ جُرْحًا فيه لم يَتَرَجَّحْ إحْدَاثُه. وإن كانت به سِلْعَةٌ (٨)، أو إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، لم يَمْلِك الرَّاهِنُ قَطْعَها؛ لأنَّ قَطْعَها يُخَافُ منه، وتَرْكَها لا يُخَافُ منه. وإن كانت الماشِيَةُ جَرِبَةً، فأرَادَ الرَّاهِنُ دَهْنَها بما يُرْجَى نَفْعُه، ولا يُخَافُ ضَرَرُه، كالقَطِرَانِ والزَّيْتِ اليَسِيرِ، لم يُمْنَعْ. وإن خِيفَ ضَرَرُه، كالكَثِيرِ، فَلِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُه. وقال القاضى: له ذلك بغيرِ إِذْنِ المُرْتَهِنِ؛ لأنَّ له مُعَالَجَةَ مِلْكِه، وإن امْتَنَعَ من ذلك، لم يُجْبَرْ عليه. ولو أرَادَ المُرْتَهِنُ مُدَاوَاتَها بما يَنْفَعُها، ولا يُخْشَى ضَرَرُه، لم يُمْنَعْ؛ لأنَّ فيه إصْلَاحَ حَقِّه بما لا يَضُرُّ بغيرِه. وإن خِيفَ منه الضَّرَرُ لم يُمَكَّنْ منه؛ لأن فيه خَطَرًا بِحَقِّ (٩) غيرِه.

فصل: فإن كان الرَّهْنُ نَخْلًا، فاحْتَاجَ إلى تَأْبِيرٍ، فهو على الرَّاهِنِ، وليس لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُه؛ لأنَّ فيه مَصْلَحَةً بغير مَضَرَّةٍ. وما يَسْقُطُ من لِيفٍ أو سَعَفٍ أو عَرَاجِينَ، فهو من الرَّهْنِ؛ لأنَّه من أجْزَائِه، أو من نَمَائِه. وقال أصْحَابُ الشَّافِعِىِّ:


(٥) الرهصة: وقرة تصيب باطن حافر الدابة.
(٦) سقط من: م.
(٧) الآكلة: الحكة.
(٨) السلعة: كالغدة فى الجسم.
(٩) فى الأصل: "لحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>