للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَكُونُ إجْماعًا، ولأنه خارِجٌ يَلْحَقُه حُكْمُ التَّطْهِيرِ، فنَقَضَ الوُضُوءَ كالخارِجِ مِن السَّبِيلِ، وقِيَاسُهم مَنْقُوضٌ بما إذا انْفَتَح مَخْرَجٌ دونَ المَعِدَةِ.

فصل: وإنما يَنْتَقِضُ الوُضُوءُ بالكَثِيرِ من ذلك دونَ اليَسِير. وقال بعضُ أَصْحابِنا: فيه رِوَايةٌ أخرى، أنَّ اليَسِيرَ يَنْقُضُ. ولا نعرفُ هذه الرِّواية، ولم يَذْكُرْها الخَلَّالُ في "جامِعِه" إلَّا في القَلْسِ، واطَّرَحَها. وقال القاضِى: لا يَنْقُضُ، روايةً واحدةً. وهو المشهورُ عن الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّه عنهم. قال ابنُ عبَّاس في الدَّم: إذا كان فاحِشًا فعليه الإِعادَةُ. وابنُ أبِى أَوْفَى (٦) بَزَقَ دَمًا ثم قامَ فصَلَّى. وابنُ عُمَر عَصَر بَثْرَةً فخَرَجَ دَمٌ، وصَلَّى، ولم يتَوَضَّأْ. قال أبو عبد اللَّه: عِدَّةٌ من الصَّحابةِ تكَلَّمُوا فيه، وأبُو هُرَيْرة كان يُدْخِلُ أصَابِعَه في أنْفِه، وابنُ عمر عَصَرَ بَثْرَةً، وابنُ أبِى أَوْفَى عَصَر دُمَّلًا، وابنُ عبَّاس قال: إذا كان فاحِشًا، وجابرُ أدْخَلَ أصَابِعَه في أنْفِه، وابنُ المُسَيَّب أدخلَ أصَابِعَه العَشَرة في أنْفِه، وأخْرَجَها مُتَلَطِّخةً بالدَّم. يَعْنِى (٧): وهو في الصَّلاةِ.

وقال أبو حَنِيفة: إذا سالَ الدَّمُ، فَفِيه الوُضُوءُ، وإن وَقَفَ عَلَى رَأْسِ الجُرْحِ، لم يَجِبْ؛ لعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام: "مَن قاءَ أو رَعَفَ في صَلاتِه فَلْيَتَوَضَّأْ (٨) ". ولنا، ما رَوَيْنا عن الصَّحابةِ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخالِفًا. وقد رَوَى الدَّارَقُطنِىُّ (٩)، بإسْنادِه، عن النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه قال: "لَيْسَ الوُضُوءُ من القَطْرَةِ والقَطْرَتَيْنِ (١٠) ". وحَدِيثُهم لا تُعْرَفُ صِحَّتُه، ولم يَذْكُرْه أصحابُ السُّنَنِ، وقد تَرَكُوا العَمَلَ به، فإنَّهم قالوا: إذا كان دُونَ مِلْءِ الفَمِ، لم يَجِبْ الوُضُوءُ منه.


(٦) أبو معاوية عبد اللَّه بن أبي أوفى علقمة بن خالد الأسلمي الصحابى، شهد بيعة الرضوان، وهو آخر من بقى بالكوفة من الصحابة، توفى سنة ست وثمانين. أسد الغابة ٣/ ١٨٣.
(٧) سقط من الأصل.
(٨) أخرج نحوه ابن ماجه، في: باب ما جاء في البناء على الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة وسننها ١/ ٣٨٦. والدارقطني، في: باب الوضوء من الخارج من البدن، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٥٣ - ١٥٦. وانظر: نصب الراية ١/ ٣٨.
(٩) في: باب في الوضوء من الخارج من البدن، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٥٧.
(١٠) لفظه عند الدارقطني: "ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون دما سائلا" ..

<<  <  ج: ص:  >  >>