للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالصَّوْمِ؛ لأنَّهما يَوْمانِ يُعَظِّمُهما الكُفَّارُ، فيكون تَخْصِيصُهما بالصِّيامِ دونَ غَيْرِهما مُوَافَقَةً لهم فى تَعْظِيمِهما، فَكُرِهَ كَيَوْم السَّبْتِ. وعلى قِياسِ هذا، كلُّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ، أو يَوْمٍ يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ (١٥).

فصل: ويُكْرَهُ إفْرادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ. قال أحمدُ: وإنْ صامَهُ (١٦) رَجُلٌ، أفْطَرَ فيه يَوْمًا أو أيَّامًا، بِقَدْرِ ما لا يَصُومُه كُلَّه. ووَجْهُ ذلك، ما رَوَى أحمدُ (١٧)، بإسْنَادِهِ عن خَرَشَة بن الْحُرِّ، قال: رَأَيْتُ عمرَ يَضْرِبُ أَكُفَّ المُتَرَجِّبِينَ، حتى يَضَعُوهَا فى الطَّعَامِ. ويقولُ: كُلُوا، فإنَّما هو شَهْرٌ كانت (١٨) تُعَظِّمُه الجَاهِلِيَّةُ (١٩). وبإسْنَادِهِ عن ابْنِ عمرَ، أنَّه كان إذا رَأَى النّاسَ، وما يُعِدُّونَ لِرَجَبٍ، كَرِهَهُ، وقال: صُومُوا منه، وأَفْطِرُوا. وعن ابنِ عَبَّاسٍ نحوُه، وبإسْنَادِهِ من أبى بَكْرَةَ، أنَّه دَخَلَ على أهْلِهِ، وعِنْدَهُمْ سِلَالٌ جُدُدٌ وكِيزَانُ، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رَجَبٌ نَصُومُه. قال: أجَعَلْتُمْ رَجَب رمضانَ، فأكْفَأَ السِّلالَ، وكَسَرَ الكِيزَانَ. قال أحمدُ: مَن كان يَصُومُ السَّنَةَ صَامَهُ، وإلَّا فلا يَصُومُه مُتَوَالِيًا، يُفْطِرُ فيه، ولا يُشَبِّهُه بِرمضانَ.

فصل: ورَوَى أبو قَتادَةَ، قال: قِيلَ: يا رسولَ اللهِ، فكيف بمن صامَ الدَّهْرَ؟ قال: "لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أوْ لَمْ يَصُمْ ولَمْ يُفْطِرْ". قال التِّرْمِذِىُّ (٢٠): هذا


(١٥) أفرد شيخ الإِسلام ابن تيمية فصلا فى الأمر بمخالفة أعياد المشركين، فى كتابه اقتضاء الصراط المستقيم، صفحة ١٧٧ وما بعدها.
(١٦) فى الأصل، أ، ب: "صام".
(١٧) ذكره الهيثمى، فى: باب فى صيام رجب، من كتاب الصيام، وعزاه للطبرانى فى الأوسط. مجمع الزوائد ٣/ ١٩١. وانظر: حاشية الفتح الربانى ١٠/ ١٩٣.
(١٨) فى الأصل، أ: "كان".
(١٩) فى حاشية اتقييد يذكر أن سعيد بن منصور رواه فى سننه، وأن إسناده على شرط الشيخين.
(٢٠) فى: باب ما جاء فى صوم الدهر، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٩٧.
كما أخرجه مسلم، فى: باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. . .، من كتاب الصيام. صحيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>