للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالْتِعانِهِما جميعًا؛ لأنَّ الفِراشَ قائِمٌ حتى تَلْتَعِنَ، والوَلَدُ للفِرَاشِ. قال القاضى: هذه الرِّوايةُ أصَحُّ. وهذا قولُ مَنْ وافَقَنا فى أنَّه لا حَدَّ عليها؛ وذلك لقولِ اللَّه تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} فيَدُلُّ على أنَّها إذا لم تَشْهَدْ لا يُدْرَأُ (١١) عنها العَذَابُ. والرِّواية الثانية، يُخْلَى سَبيلُها. وهو قولُ أبى بكرٍ؛ لأنَّه لم يَجِبْ عليها الحَدُّ، فيَجِبُ تَخْلِيةُ سَبِيلِها، كما لو (١٢) لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. فأمَّا الزَّوْجِيَّةُ، فلا تَزُولُ، والوَلدُ لا يَنْتَفِى ما لم يَتِمَّ اللِّعانُ بينهما، فى قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ، إلَّا الشافِعِىّ، فإنَّه قَضَى بالفُرْقةِ ونَفْىِ الوَلدِ بِمُجَرَّدِ لِعانِ الرَّجُلِ (١٣). وقد ذَكَرْنا ذلك.

١٣٣٨ - مسألة؛ قال: (وَكَذلِكَ إِنْ أقَرّتْ دُونَ الْأَرْبعِ مَرَّاتٍ)

وجُمْلَتُه أن الرَّجُلَ إذا قَذَفَ امرأتَه، فصَدَّقَتْه، وأقَرَّتْ بالزِّنَى مَرَّةً، أو مَرَّتينِ، أو ثلاثًا، لم يَجِبْ عليها الْحَدُّ؛ لأنَّه لا يَثْبُتُ إِلَّا بإِقْرَارِ أرْبَعِ مَرَّاتٍ، على ما يُذْكَرُ فى الحُدُودِ، ثم إن كان تَصْدِيقُها له قبلَ لِعَانِه، فلا لِعَانَ بينهما؛ لأنَّ اللِّعانَ كالبَيِّنةِ، إنَّما يُقامُ مع الإِنْكارِ، وإن كان بعدَ لِعَانِه، لم تُلَاعِنْ هى؛ لأنَّها لا تَحْلِفُ مع الإِقْرارِ، وحُكْمُها حكمُ ما لو امْتَنَعتْ من غيرِ إِقْرارٍ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: إن صَدَّقَتْه قبلَ لِعَانِه، فعليها الحَدُّ، وليس له أن يُلَاعِنَ، إلَّا أن يكونَ ثَمَّ نَسَبٌ يَنْفِيه، فيُلاعِنُ وَحْدَه، ويَنْتَفِى النَّسَبُ بمُجَرَّدِ لِعَانِه، وإن كان بعدَ لِعَانِه، فقد انْتَفَى النَّسَبُ، ولَزِمَها الحَدُّ؛ بناءً على أن النَّسَبَ يَنْتَفِى بمُجَرَّدِ لِعَانِه، وتَقَعُ الفُرْقةُ، ويَجبُ الحَدُّ، وأنَّ (١) الحَدَّ يَجِبُ (٢) بإقْرارِ مَرَّةٍ. وهذه الأُصولُ قد مَضَى أكْثَرُها. ولو أقَرَّتْ أرْبَعًا، وَجَبَ الحَدُّ، ولا لِعانَ بينهما إذا لم يَكُنْ ثمَّ نَسَبٌ يُنْفَى. وإن رَجَعَتْ سَقَطَ


(١١) فى ب، م: "يندرئ".
(١٢) سقط من: أ، م.
(١٣) فى أ، ب: "الزوج".
(١) فى ب، م: "فإن".
(٢) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>