للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصْلًا، وإن كان له أصلٌ فهما مُتعارِضانِ مُتَدافِعانِ، يجبُ اطِّرَاحُهُما، والعملُ بالنُّصوصِ الواضِحَةِ الثَّابتةِ، والإِجماعِ الذي لا تجوزُ مُخالَفَتُه.

١٤٢٨ - مسألة؛ قال: (ويُقْتَلُ الجَماعةُ بالواحدِ)

وجملتُه أنَّ الجماعةَ إذا قَتَلُوا واحدًا، فعلى كلِّ واحدٍ منهم القِصاصُ، إذا كان كلُّ (١) واحدٍ منهم لو انْفَرَدَ بفِعْلِه وَجَبَ عليه القِصاصُ. رُوِيَ ذلك عن عمرَ، وعليٍّ، والمُغِيرةِ بنِ شُعْبةَ، وابنِ عباسٍ. وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والحسنُ، وأبو سَلَمةَ، وعطاءٌ، وقَتادةُ. وهو مذهبُ مالكٍ، والثَّوْرِيِّ، والأوْزَاعِيِّ، والشافعيِّ، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرٍ وأصْحابِ الرَّأْيِ. [وحُكِيَ عن] (٢) أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، لا يُقْتَلُونَ به، وتجِبُ عليهم الدِّيَةُ. وهذا قولُ ابن الزُّبَيْرِ، والزُّهْريِّ، وابنِ سِيرِينَ، وحَبِيبِ بن أبي ثابتٍ، وعبدِ الملك، ورَبِيعةَ، وداودَ، وابنِ المُنْذِرِ. وحكاه ابن أبي مُوسَى عن ابنِ عبَّاسٍ. ورُوِيَ عن مُعاذِ بن جَبَلٍ، وابن الزُّبَيْرِ، وابن سِيرِينَ، والزُّهْرِيِّ، أنَّه يُقْتَلُ منهم واحدٌ، ويُؤْخَذُ من الباقين حِصَصُهُم من الدِّيَةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم مُكافِئٌ له، فلا تُسْتَوْفَى أبْدالٌ بمُبْدَلٍ واحدٍ، كما لا تجبُ دِياتٌ لمقْتولٍ واحدٍ، ولأنَّ اللَّه تعالى قال: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} (٣). وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (٤). فمُقْتَضاه أنَّه لا يُؤْخَذُ بالنَّفْسِ أكثرُ من نَفْسٍ واحدةٍ، ولأنَّ التَّفاوُتَ في الأوْصافِ يَمْنَعُ، بدليلِ أنَّ الحُرَّ لا يُؤْخَذُ بالعَبْدِ، والتَّفاوُتُ في العَدَدِ أَوْلَى. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا حُجَّةَ مع مَنْ أوْجَبَ قَتْلَ جماعةٍ بواحدٍ. ولَنا، إجْماعُ الصَّحابةِ، رَضِيَ اللهُ عنهم، رَوَى سعيدُ بن المُسَيَّبِ، أنَّ عمرَ بنَ الخَطَّابِ، قَتَلَ سَبْعةً من أهلِ صَنْعاءَ قَتَلُوا رَجُلًا،


(١) سقط من: الأصل، ب.
(٢) في الأصل، ب: "وعن".
(٣) سورة البقرة ١٧٨.
(٤) سورة المائدة ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>