للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه يُقِرُّ بحَقٍّ على غيرِه، فإنَّه يُقِرُّ بما يَقتْضِى مُشاركةَ الأوَّلِ فى التَّركِةِ، ومُزاحمتَه فيها، وتَنْقِيصَ حقِّه منها. ولا يُقْبَلُ إقْرارُ الإِنسانِ على غيرِه. وقال الشَّافعىُّ: يُقْبَلُ إقْرارُه، ويشْتركِان فيها؛ لأنَّ الوارِثَ يَقومُ مَقامَ الموْرُوثِ، ولو أقَرَّ الموْرُوثُ لهما لقُبِلَ، فكذلك الوارِثُ، ولأنَّ مَنْعَه من الإِقْرارِ يُفْضِى إلى إسْقاطِ حَقِّ الغُرَماءِ، فإنَّه قد لا يتَّفِقُ حضورُهم فى مجلسٍ واحدٍ، فيَبْطُلُ حقُّه بغَيْبَتِه، ولأنَّ مَن قُبلَ إِقْرارُه أوَّلًا، قُبلَ إقْرارُه ثانيًا، إذا لم يتغَيَّرْ حالُه، كالمَوْرُوثِ (٤). ولَنا، أنَّه إقْرارٌ (٥) بما يتعلَّقُ بمحَلٍّ تعلَّقَ به حقُّ غيرِه، على وَجْهٍ يَضُرُّ به، تَعَلُّقًا يَمْنَعُ صحَّةَ (٦) تصرُّفِه فيه، فلم يُقْبَلْ، كإقْرَارِ الراهنِ بجِنايةِ عَبْدِه المرْهُونِ أو الجانِى. وأمَّا الموْرُوثُ، فإنْ أقَرَّ فى صِحَّتِه، صَحَّ؛ لأنَّ الدَّينَ لا يتعلَّقُ بمالِه، [وإنَّما يتعلَّقُ بذمَّتِه] (٧). وإن أقَرَّ فى مَرَضِه لغَريمٍ (٨)، لم يحاصَّ (٩) المُقَرُّ له غُرَماءَ الصِّحَّةِ؛ لذلك. وإِنْ أقَرَّ فى مرضه لغَرِيمٍ يسْتَغْرِقُ دَيْنُه تَركِتَه، ثم أقرَّ لآخَرَ فى مجلس آخَرَ، صحَّ، [وشارَكَ الأوَّلَ] (٧)، والفرْقُ بينه وبين الوارثِ، أَنَّ إقْرارَه الأوَّلَ لم يَمْنَعْه التَّصَرُّفَ فى مالِه، ولا أن يُعَلَّقَ (١٠) به دَيْنٌ آخَرُ، بأن (١١) يَسْتدِينَ دَيْنًا آخَرَ، فلم يَمْنَعْ ذلك تَعَلُّقَ (١٢) الدَّينِ بتَركَتِه بالإِقْرارِ، بخلافِ الوارِثِ، فإنَّه لا يَمْلِكُ أن يُعَلِّقَ بالتَّركةِ دَيْنًا آخَرَ بفِعْلِه، فلا يَمْلِكُه بقَوْلِه، ولا يَمْلِكُ التَّصرُّفَ فى التَّركِةِ، ما لم يَلْتَزِمْ قضاءَ الدَّيْنِ.

فصل: وإن ماتَ، وتركَ ألفًا، فأقَرَّ به ابنُه لرجلٍ، ثم أقرَّ به لغيرِه، فهو (١٣) للأوَّلِ، ولا شىءَ للثانى فيه، سواءٌ كان فى مَجْلِسٍ أو مَجْلِسَينِ؛ لأنَّه باعْترافِه للأوَّلِ، ثَبَتَ له


(٤) فى أ: "كالميراث".
(٥) فى م: "أتى".
(٦) فى ب: "حق".
(٧) سقط من: أ، ب.
(٨) سقط من: أ، ب، م.
(٩) فى الأصل: "يخلص".
(١٠) فى م: "يتعلق".
(١١) سقط من: أ.
(١٢) فى الأصل، أ: "تعليق".
(١٣) فى ب: "فهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>