للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسةِ في عِدَّةِ الرابعةِ البائنِ، ونكاحِ الْمَجُوسِيَّةِ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ لأنَّ الاختِلافَ في إبَاحةِ الوَطْءِ فيه شُبْهةٌ، والحدودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ، أنَّ الحُدُودَ تُدْرأُ بالشُّبَهِ (٢٠).

فصل: ولا يجبُ الحَدُّ بوَطْءِ جاريَةٍ مُشْترَكَةٍ بينَه وبينَ غيرِه. وبه قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ: يَجِبُ. ولَنا، أنَّه فَرْجٌ له فيه مِلْكٌ، فلا يُحَدُّ بوطْئِه، كالمُكاتَبَةِ والمَرْهُونَةِ.

فصل: وإن اشترَى أُمَّه أو أُخْتَهُ من الرَّضَاعَةِ ونحوَهما، ووَطِئَهما، فذكرَ القاضي عن أصحابِنا، أنَّ عليه الحَدَّ؛ لأنه فَرْجٌ لا يُسْتَبَاحُ بحالٍ، فوَجَبَ الحَدُّ بالوَطْءِ فيه (٢١)، كَفَرْجِ الغُلامِ. وقال بعضُ أصحابِنا: لا حَدَّ فيه. وهو قَوْلُ أصحابِ الرَّأْىِ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه وَطْءٌ في فَرْجٍ مَمْلوكٍ له، يَمْلِكُ المُعاوَضَةَ عنه، وأخْذَ صَداقِهِ، فلم يجبْ به الحَدُّ، كَوَطْءِ الجارِيَةِ المُشْترَكَةِ. فأمَّا إن اشْتَرَى ذاتَ مَحْرَمِه من النَّسَبِ، ممَّنْ يَعْتِقُ عليه، وَوَطِئَها، فعليه الحَدُّ. لا نعلَمُ فيه خِلَافًا؛ لأنَّ المِلْكَ لا يَثْبُتُ فيها، فلم تُوْجَدِ الشُّبْهَةُ.

فصل: فإن زُفَّتْ إليه غيرُ زَوْجَتِهِ، وقيل: هذه زوجتُكَ. [فوَطِئَها يعْتقِدُها زوجَتَه، فلا حَدَّ عليه. لا نعلَمُ فيه خِلافًا. وإن لم يُقَلْ له: هذه زوجتُك] (٢٢). أو وَجَدَ على فرَاشِه امرأةً ظَنَّها امرأتَه، أو جارِيَته، فوَطِئَها، أو دعا زوجَتَه أو جارِيَتَه، فجاءتْه غيرُها، فظَنَّها المَدْعُوَّةَ، فوَطِئَها، أو اشْتَبَهَ عليه ذلك؛ لِعَماهُ، فلا حَدَّ عليه. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وحُكِىَ عن أبي حنيفةَ، أنَّ عليه الحَدَّ؛ لأنَّه وَطِئَ في مَحَلٍّ لا مِلْكَ له فيه. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ اعْتَقَدَ إباحَتَه بما يُعْذَرُ مِثْلُه فيه، فأشْبَهَ ما لَو قِيلَ له: هذه زوجتُك. ولأنَّ الحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهاتِ، وهذه من أعْظَمِها. فأمَّا إن دَعَا


(٢٠) في الأصل: "بالشبهة".
(٢١) سقط من: م.
(٢٢) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>