للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الزُّهْرِىِّ مُرْسلًا، وروَاه الشافعىُّ فى "مُسْنَدِه" عن ابن عُلَيَّةَ، عن مَعْمرٍ، عن الزُّهْرِىِّ، عن سالمٍ، عن أبِيه، إلَّا أنَّه غيرُ مَحْفُوظٍ، غَلِطَ فيه مَعْمَرٌ، وخالَف فيه أصحابَ الزُّهْرِىِّ. كذلك قال الحُفّاظُ؛ الإمامُ أحمدُ، والتِّرمِذِىُّ، وغيرُهما. ولأنَّ كُلَّ عددٍ جازَ له ابْتداءُ العَقْدِ عليه، جاز له إمْساكُه بنِكاحٍ مُطْلَقٍ فى حالِ الشِّرْكِ، كما لو تَزَوَّجَهُنَّ (٦) بغيرِ شُهُودٍ. وأمَّا إذا تزَوَّجَتْ بزَوْجَيْنِ، فنِكاحُ الثانى باطِلٌ؛ لأنَّها مَلَّكَتْه مِلْكَ غيرِها. وإن جَمَعَتْ بينهما، لم يَصِحَّ؛ لأنَّها لم تُمَلِّكْه جميعَ بُضْعِها (٧)، ولأنَّ ذلك ليس بشائعٍ عندَ أحدٍ من أهلِ الأدْيانِ، ولأنَّ المرأةَ ليس لها اخْتِيارُ النِّكاحِ وفَسْخُه، بخِلافِ الرَّجُلِ.

فصل: ويجبُ عليه أن يختارَ أربعًا فما دُونَ، ويُفارِقَ سائِرَهُنَّ، أو يُفارقَ الجميعَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَ غَيلانَ وقَيْسًا بالاختيارِ، وأمْرُه يقْتَضِى الوُجُوبَ، ولأنَّ المُسْلِمَ لا يجُوزُ إقْرارُه على نكاحِ أكثرَ من أربعٍ، فإن أَبى، أُجْبِرَ بالحَبْس والتَّعْزِيرِ إلى أن يَخْتارَ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ عليه، يُمْكِنُه إيفاؤُه (٨)، وهو مُمْتَنِعٌ منه، فأُجْبِرَ عليه، كإيفاءِ الدَّيْنِ. وليس للحاكمِ أن يخْتارَ عنه، كما يُطَلِّقُ على المُولِى إذا امْتَنَعَ من الطَّلَاقِ؛ لأنَّ الحَقَّ ههُنا لغيرِ مُعيَّنٍ، وإنَّما تَتَعَيّنُ الزَّوْجاتُ بِاخْتِيارِه وشَهْوَتِه، وذلك لا يَعْرِفُه الحاكمُ فينَوُبُ عنه فيه (٩)، بخلافِ المُولِى، فإنَّ الحَقَّ المُعَيَّنَ يُمْكِنُ الحاكمَ إيفاؤه، والنِّيابةُ عن المُسْتَحِقِّ فيه. فإن جُنَّ خُلِّىَ حتى يَعُودَ عَقْلُه، ثم يُجْبَرُ على الاخْتيارِ، وعليه نَفَقةُ الجميعِ إلى أن يَخْتارَ؛ لأنَّهنَّ مَحْبُوساتٌ عليه، ولأنَّهنَّ فى حُكْمِ الزَّوْجاتِ أيَّتهُنَّ اختارَ جازَ.

فصل: ولو زَوَّجَ الكافرُ ابْنَه الصَّغيرَ أكثرَ من أرْبعٍ، ثم أسْلَمُوا جميعًا، لم يَكُنْ له


(٦) فى م: "تزوجن".
(٧) فى ب، م: "بعضها".
(٨) فى ب: "إبقاؤه".
(٩) سقط من: أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>