للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدَميْه عن القِبْلَةِ في الْتِفَاتِه؛ لِمَا رَوَى أبو جُحَيفةَ، قال: رَأَيْتُ بلالًا يُؤَذِّنُ، وأتَتَبَّعُ (٢) فاهُ ههُنَا وههُنَا (٣). مُتَّفَقٌ عليهِ. وفى لفظٍ قال: أَتَيْتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في قُبَّةٍ حَمْرَاءَ منْ أَدَمٍ، فخَرَجَ بلالٌ فأذَّنَ، فلَمَّا بلغ حَىَّ على الصَّلَاةِ حَىَّ على الفَلَاحِ، الْتَفَتَ يمِينًا وشِمَالًا (٤)، ولم يَسْتَدِرْ. رواهُ أبو داود (٥). وظَاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه لا يَسْتَدِيرُ، سواءٌ كان على الأرْضِ أوْ فوقَ المَنَارَةِ، وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وذَكَرَ أصحابُنا، عن أحمدَ، فِيمَنْ أَذَّنَ في المنارَةِ روايَتَيْن: إحْدَاهما، لا يدورُ؛ لِلْخَبَرِ، ولأنَّه يَسْتَدْبِرُ القِبْلَةَ، فَكُرِهَ، كما لو كان على وَجْهِ الأَرْضِ. والثَّانِيَة، يدُورُ في مَجَالِها، لأنَّه لا يَحْصُلُ الإِعْلَامُ بِدُونِهِ، وتَحْصِيلُ المَقْصُودِ بالإِخْلَالِ بأدَبٍ أَوْلَى من العَكْسِ، ولو أخَلَّ بِاسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ أو مَشَى في أذَانِه، لم يَبْطُلْ، فإن الخُطْبَةَ آكَدُ من الأذانِ، ولا تَبْطُلُ بهذا. وسُئِلَ أحمدُ عن الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وهو يَمْشِى؟ فقال: نعم، أَمْرُ الأذانِ عندى سَهْلٌ. وسُئِلَ عن المُؤَذِّنِ يمشِى وهو يُقِيمُ. قال: يُعْجِبُنِى أنْ يَفْرُغَ ثُمَّ يمشِى. وقال في رِوَايةِ حَرْبٍ: في المُسَافِرِ أحَبُّ إلىَّ أَنْ يُؤَذِّن ووَجْهُهُ إلى القِبْلَةِ، وأَرْجُو أنْ يُجْزِىءَ.

١٣٠ - مسألة؛ قال: (ويُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ المُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ)

لا أَعْلَمُ خِلَافًا بين أَهْل العِلْمِ في اسْتِحْبَابِ ذلك، والأصلُ فيهِ ما رَوَى أبو سعِيدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فإذَا سَمِعْتُم النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ". مُتَّفَقٌ عليه (١). ورواهُ جَمَاعَةٌ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ منهم: أبو


(٢) في الأصل: "وتتبع". وفى صحيح البخاري: "وجعلت أتتبع".
(٣) في م زيادة: "وأصبعاه في أذنيه"، وتقدم في تخريج الحديث صفحة ٨١ أنها من لفظ الترمذي.
(٤) عند أبي داود: "لوَّى عنقه يمينا وشمالا".
(٥) في: باب في المؤذن يستدير في أذانه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٢٤.
(١) أخرجه البخاري، في: باب ما يقول إذا سمع المنادى، من كتاب الأذان. صحيح البخاري ١/ ١٥٩. ومسلم في: باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٢٨٨. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يقول إذا سمع المؤذن، من كتاب الصلاة ١/ ١٢٤. والترمذي، في: باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٠. والنسائي، في: باب القول مثل ما يقول المؤذن، من كتاب الصلاة. المجتبى ١/ ١٢٤. وابن ماجه، في: باب ما يقال إذا أذن =

<<  <  ج: ص:  >  >>