للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإِنْ تنازَعا عِمامَةً، طَرَفُها فى يد أحدِهما، وباقِيها فى يَد الآخَرِ، أو قَميصًا، كُمُّهُ فى يدِ أحدِهما، وباقيه مع الآخَرِ، فهما سواءٌ فيهما (٣٦)؛ لأَنَّ يدَ المُمْسِكِ بالطَّرَفِ عليها، بدَلِيلِ أنَّه لو كان باقِيها على الأَرْضِ، فنازَعَه فيها غَيْرُه، كانتْ لَه، وإذا كانَتْ فى أَيْدِيهما تساوَيا فيها. ولو كانت دارٌ فيها أربعةُ أبْياتٍ، وفى أَحَدِ أبْياتِها ساكنٌ، وفى الثَّلاثَةِ الباقِيَةِ ساكنٌ آخَرُ، فاخْتَلَفا فيها، كان لِكُلِّ واحِدٍ ما هو ساكِنٌ فيه؛ لأنَّ كُلَّ بَيْتٍ ينفصِلُ عن صاحبِهِ، ولا يُشارِكُ الخارِجُ منه السَّاكِنَ فيه فى ثُبُوتِ اليَدِ عليه. ولو تنازَعا السَّاحَةَ التى يُتطَرَّقُ منها إلى البُيُوتِ، فهى بينَهما نِصْفَيْن؛ لِاشْتِراكِهِما فى ثُبُوتِ الْيَدِ عليها، فأشْبَهَتِ العِمامَةَ فيما ذَكَرْنا.

١٩٤٥ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كانَ لَهُ علَى أحَدٍ حَقٌّ، فَمَنَعَهُ مِنْهُ، وقَدَرَ لَهُ علَى مالٍ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ مِقْدارَ حَقِّهِ؛ لِمَا رُوِىَ عنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خانَكَ" (١))

وجملتُه أنَّه إذا كانَ [لرجل على غيرِهِ] (٢) حَقٌّ، وهو مُقِرٌّ به، باذِلٌ له، لم يكُنْ له أَنْ يَأْخُذَ من مالِهِ إِلَّا ما يُعْطِيهِ. بلا خِلافٍ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ، فإنْ أَخَذَ من مالِهِ شَيْئًا بغيرِ إِذْنِهِ، لَزِمَهُ رَدُّه إليه، وإِنْ كان قَدْرَ حَقِّهِ؛ [لأنَّه لا يجوزُ أن يَمْلِكَ عليه عَيْنًا من أَعْيانِ مالِهِ، بغير اخْتِيارِهِ، لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وإن كانتْ من جِنْسِ حَقِّهِ] (٣)؛ لأنَّهُ قد يكونُ للإِنْسانِ غَرَضٌ فى العَيْنِ. وإن أَتْلَفَها، أو تَلِفَتْ فصارت دَيْنًا فى ذِمَّته، وكان الثَّابتُ فى ذِمَّتِهِ من جِنْسِ حَقِّهِ، تقَاصَّا، فى قياسِ الْمذهبِ، والمَشْهورِ من مَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ. وإن كان مانِعًا له لِأمْرٍ يُبِيحُ المَنْعَ، كالتَّأْجِيلِ (٤) والإِعْسارِ (٥)، لم يَجُزْ أخْذُ شىءٍ من مالِهِ، بغيرِ خلافٍ. وإن


(٣٦) فى م: "فيها".
(١) فى ب، م زيادة: "رواه الترمذى". وفى ب بعده: "وقال: حديث حسن".
(٢) فى م: "على رجل عن غيره".
(٣) سقط من: أ. نقل نظر.
(٤) فى م: "كالتأجل".
(٥) فى الأصل: "وللإعسار".

<<  <  ج: ص:  >  >>