للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِلَ إلى البَيْتِ، فجَازَ له أن يَحِلَّ، فلم يَفْعَلْ حتى خُلِّىَ سَبِيلُه، إنَّ عليه أن يَقْضِىَ مَنَاسِكَهُ، وإن زَالَ الحَصْرُ بعدَ فَواتِ الحَجِّ، تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، فإن فَاتَ الحَجُّ قبلَ زَوَالِ الحَصْرِ، تَحَلَّلَ بِهَدْىٍ. وقيل: عليه هاهُنا هَدْيانِ؛ هَدْىٌ لِلْفَوَاتِ، وهَدْىٌ لِلْإحْصَارِ. ولم يَذْكُرْ أحمدُ، فى رِوَايَةِ الأثْرَمِ، هَدْيًا ثَانِيًا فى حَقِّ مَن لا يَتَحَلَّلُ إلى يَوْمِ النَّحْرِ.

فصل: فإن أُحْصِرَ عن البَيْتِ بعدَ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فله التَّحَلُّلُ؛ لأنَّ الحَصْرَ يُفيدُه التَّحَلُّلَ من جَمِيعِه، فأفَادَ التَّحَلُّلَ من بَعْضِه. وإن كان ما حُصِرَ عنه ليس من أركَانِ الحَجِّ، كالرَّمْىِ، وطَوَافِ الوَدَاعِ، والمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ أو بِمِنًى فى لَيَالِيها، فليس له التحَلُّلُ به (١٤)؛ لأنَّ صِحَّةَ الحَجِّ لا تَقِفُ على ذلك، ويكونُ عليه دَمٌ؛ لِتَرْكِه ذلك، وحَجُّهُ صَحِيحٌ، كما لو تَرَكَهُ من غيرِ حَصْرٍ. وإن أُحْصِرَ (١٥) عن طَوافِ الإفَاضَةِ بعد رَمْى الجَمرةِ، فليس له أن يَتَحَلَّلَ أيضا؛ لأنَّ إحْرامَهُ إنَّما هو عن النِّساءِ، والشَّرْعُ إنما وَرَدَ بِالتَّحَلُّلِ من الإحْرَامِ التَّامِّ، الذى يُحَرِّمُ جَمِيعَ مَحْظُورَاتِه، فلا يَثْبُتُ بما ليس مثلَه، ومَتَى زَالَ الحَصْرُ أتَى بِالطَّوَافِ، وقد تَمَّ حَجُّهُ.

فصل: فأمَّا مَن يَتَمَكَّنُ من البَيْتِ ويُصَدُّ عن عَرَفَةَ، فله أن يَفْسَخَ نِيَّةَ الحَجِّ، ويَجْعَلَهُ عُمْرَةً، ولا هَدْىَ عليه؛ لأنَّنا أبَحْنَا له ذلك من غيرِ حَصْرٍ، فمَعَ الحَصْرِ أوْلَى. فإن كان قد طَافَ وسَعَى لِلْقُدُومِ، ثم أُحْصِرَ، أو مَرِضَ حتى فَاتَهُ الحَجُّ، تَحَلَّلَ بِطَوَافٍ وسَعْىٍ آخَرَ؛ لأنَّ الأَوَّلَ لم يَقْصِدْ به طَوافَ العُمْرَةِ، ولا سَعْيَها، وليس عليه أن يُجَدِّدَ إحْرَامًا. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال الزُّهْرِىُّ: لا بُدَّ أن يَقِفَ بِعَرَفَةَ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: لا يكونُ مُحْصَرًا بمَكَّةَ. ورُوِىَ ذلك عن


(١٤) سقط من: أ، ب، م.
(١٥) فى الأصل: "حصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>