للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليكونَ ذلك أقْطَعَ للخُصُومةِ. ويُمْكِنْ حَمْلُ قولِ ابن عباسٍ ومَنْ وافَقَه على الاسْتِحْبابِ، فلا يكونُ بين القَوْلَيْنِ فَرْقٌ. واللَّهُ أعلمُ.

١٢٠٩ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ مَاتَ أحَدُهُمَا قَبْلَ الإِصَابَةِ، وقَبْلَ الفَرْضِ، وَرِثَهُ صَاحِبُهُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا)

أمَّا المِيراثُ فلا خلافَ فيه؛ فإنَّ اللَّه تعالى فَرَضَ لكلِّ واحدٍ من الزَّوْجَيْنِ فَرْضًا، وعَقْدُ الزَّوْجِيَّة ههنا صحيحٌ ثابتٌ، فيُورَثُ (١) به؛ لدُخُولِه فى عُمومِ النَّصِّ. وأمَّا الصَّداقُ، فإنَّه يَكْمُلُ لها مَهْرُ نِسائِها، فى الصَّحيحِ من المذهبِ. وإليه ذَهَبَ ابنُ مسعودٍ، وابنُ شُبْرُمةَ، وابنُ أبى لَيْلَى، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ. ورُوِىَ عن علىٍّ، وابن عباسٍ، وابنِ عمرَ، والزُّهْرِىِّ، ورَبِيعةَ، ومالكٍ، والأوْزَاعىِّ: لا مَهْرَ لها؛ لأنَّها فُرْقةٌ وَرَدَتْ على تَفْوِيضٍ صحيحٍ قبلَ فَرْضٍ ومَسِيسٍ، فلم يجبْ بها مهرٌ، كفُرْقةِ الطَّلاقِ. وقال أبو حنيفةَ كقولِنا فى المُسْلِمةِ، كقولِهم فى الذِّمِّيَّةِ. وعن أحمدَ روايةٌ أخرى، لا يَكْمُلُ، ويتَنَصَّفُ. وللشافعىِّ قَوْلان، كالرِّوايتَيْنِ. ولَنا: ما رُوِىَ أن عبدَ اللَّه بن مسعودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قَضَى لامرأةٍ لم يَفْرِضْ لها زوجُها صَداقًا، ولم يَدْخُلْ بها حتى مات، فقال: لها صَداقُ نِسائِها، لا وَكْسٌ ولا شَطَطٌ، وعليها العِدَّةُ، ولها الميراثُ. فقام مَعْقِلُ بن سِنَانِ الأشْجَعِىُّ، فقال: قَضَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى بَرْوَعَ ابْنةِ وَاشِقٍ مثلَ ما قَضَيْتَ (٢). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. وهو نصٌّ فى مَحَلِّ النزاعِ، ولأنَّ الموتَ معنًى يَكْمُلُ به المُسَمَّى، فيكْمُلُ (٣) به مهرُ المثلِ للمُفَوّضةِ، كالدُّخولِ. وقياسُ الموتِ على الطَّلاقِ غيرُ صحيحٍ؛ فإن الموتَ يَتِمُّ به النِّكاحُ، فيَكْمُلُ به الصداقُ، والطلاقُ يَقْطَعُه ويُزِيلُه قبلَ إتْمامِه، ولذلك وَجبتِ العِدَّةُ بالموتِ قبلَ الدُّخولِ، ولم تجبْ


(١) فى ب، م: "فورث".
(٢) تقدم تخريجه فى: ٩/ ١٩٢.
(٣) فى الأصل، أ، م: "فكمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>