للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإقْرارِه به (١٠)، فلم يَسْقُطْ بجَحْدِه، كما لا يَسْقُطُ ما الْتَزَمَه عندَ الحَاكِمِ بِجَحْدِه. والصَّحِيحُ أنَّ ما أصابَه المُرْتَدُّ بعدَ لُحُوقِهِ بدارِ الحَرْبِ، أو كَونِه في جماعةٍ مُمْتَنِعَةٍ، لا يَضْمَنُه؛ لِمَا ذَكَرْنَاه في آخرِ البابِ الذي قَبْلَ هذا (١١)، وما فعلَه قبلَ هذا، أُخِذَ به، إذا كان ممَّا يتعلَّقُ به حَقُّ آدَمِىٍّ، كالجِنَايَةِ على نَفْسٍ أو مالٍ؛ لأنَّه في دارِ الإِسلامِ، فلَزِمَه حُكْمُ جِنَايَتِه، كالذِّمِّىِّ والمُسْتَأمَنِ. وأمَّا إذ إرْتَكبَ حَدًّا خالِصًا للَّه تعالى، كالزِّنَى، وشُرْبِ الخمرِ، والسَّرِقَةِ، فإنَّه إنْ قُتِلَ بالرِّدَّةِ، سَقَطَ ما سِوَى القَتْلِ من الحُدودِ؛ لأنَّه متى اجتمعَ مع القَتْلِ حدٌّ، اكتُفِىَ بالقَتْلِ، وإن رَجَعَ إلى الإِسلامِ، أُخِذَ بحدِّ الزِّنَى والسَّرقَةِ؛ لأنَّه من أهلِ دارِ الإِسلامِ، فأُخِذَ بهما، كالذِّمِّىِّ والمُسْتَأمَنِ. وأمَّا حَدُّ الخمرِ، فَيَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ عليه؛ لأنَّه كَافِرٌ، فلا يُقامُ عليه حَدُّ الخَمرِ، كسائِرِ الكُفَّارِ. ويَحْتَمِلُ أن يَجِبَ؛ لأنَّه أقرَّ بِحُكْمِ الإِسلامِ قبلَ رِدَّتِه, وهذا من أحكَامِه، فلم يَسْقُطْ بِجَحْدِه بعدَه. واللهُ أعلمُ.

فصل: ومَن ادَّعَى النُّبُوَّةَ، أو صَدَّقَ مَن ادَّعاه، فقد ارْتَدَّ؛ لأنَّ مُسَيْلِمَةَ لَمّا ادَّعَى النُّبُوَّةَ، فصَدَّقَهُ قَوْمُه، صارُوا بذلك مُرْتَدِّينَ، وكذلك طُلَيْحَةُ الأَسَدِىُّ ومُصَدِّقُوه. وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَخْرُجَ ثَلاثُونَ كَذَّابُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسُولُ اللهِ" (١٢).

فصل: ومن سَبَّ اللهَ تعالى، كَفَرَ، سَواءٌ كانَ مازِحًا (١٣) أو جَادًّا. وكذلك من


(١٠) سقط من: م.
(١١) صفحة ٢٦٢، ٢٦٣
(١٢) أخرجه البخاري، في: باب علامات النبوة في الإِسلام، من كتاب المناقب. صحيح البخاري ٤/ ٢٤٣. ومسلم، في: باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل. . ., من كتاب الفتن وأشراط الساعة. صحيح مسلم ٤/ ٢٢٤٠. وأبو داود، في: ، باب في خبر ابن الصائد، من كتاب الملاحم. سنن أبي داود ٢/ ٤٣٥. والترمذي، في: باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذي ٩/ ٦٣. والإِمام أحمد في: المسند ٢/ ٤٥، ٥٢٨، ٥/ ١٦.
(١٣) في ب: "مزاحا".

<<  <  ج: ص:  >  >>