للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه عنه: إنْ شئتُ (١٦) أعْفُو، وإن شئتُ اسْتَقَدْتُ. فأمَّا الخوارجُ، فالصحيحُ، على ما ذكَرْنَا، إباحةُ قَتْلِهم، فلا قِصاصَ على قاتلِ أحدٍ منهم، ولا ضَمانَ عليه في مالِه.

١٥٣٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا دُفِعُوا لَمْ يُتْبَعْ لَهُمْ مُدْبِرٌ، [ولا يُجَازُ] (١) عَلَى جَرِيحِهِمْ (٢)، وَلَمْ يُقْتَلْ لَهُمْ أَسِيرٌ، ولَمْ يُغْنَمْ لَهُمْ مَالٌ، وَلَم تُسْبَ لَهُمْ (٣) ذُرِّيَّةٌ)

[وجُمْلةُ الأمرِ] (٤) أنَّ أهلَ البَغْيِ إذا تركُوا القتالَ؛ إمَّا بالرُّجُوعِ إلى الطَّاعةِ، وإمَّا بإلْقاءِ السِّلاحِ، وإمَّا بالهزيمةِ إلى فِئَةٍ أو إلى غيرِ فِئَةٍ، وإمَّا بالعَجْزِ؛ لجِرَاحٍ أو مَرَضٍ أو أسْرٍ، فإنَّه يَحْرُمُ قَتْلُهم، واتِّباعُ مُدْبِرِهم. وبهذا قال الشافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ، إذا هُزِمُوا ولا فِئَةَ لهم كقَوْلِنا، وإنْ كانتْ لهم فِئَةٌ يَلْجأُون إليها، جازَ قتلُ مُدْبِرِهم وأَسِيرِهم، والإِجازةُ على جَريحِهم، وإنْ لم يكُنْ لهم فِئَةٌ، لم يُقْتَلُوا، لكنْ يُضْرَبون ضَرْبًا وَجِيعًا، ويُحْبَسُونَ حتى يُقْلِعُوا عَمَّا هم عليه، ويُحْدِثُوا تَوْبةً. ذَكَرُوا (٥) هذا في الخوارج. وَيُرْوَى عن ابن عباسٍ نحوُ هذا. واختارَه بعضُ أصْحابِ الشافِعِيِّ؛ لأنَّه متى لم يَقْتُلْهم، اجْتَمعُوا ثم عادُوا إلى المُحارَبَةِ. ولَنا، ما رُوِيَ عن عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال يومَ الجَمَلِ: لا يُذَفَّفُ (٦) على جَرِيحٍ، ولا يُهْتَكُ سِتْرٌ (٧)، ولا يُفْتَحُ بابٌ، ومن أغْلَقَ بابًا أو بابَه فهو آمنٌ، ولا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ (٨). وقد رُوِيَ نحوُ ذلك عن عَمَّارٍ. وعن عليٍّ، رَضِي اللَّه عنه، أنَّه


(١٦) في م زيادة: "أن".
(١) في الأصل، ب: "ولم يجيزوا".
(٢) في الأصل، ب: "جريح".
(٣) في النسخ: "له".
(٤) في م: "وجملته".
(٥) في ب: "ذكر".
(٦) لا يذفف: لا يجهز.
(٧) في ب: "ستره".
(٨) أخرجه البيهقي، في: باب أهل البغي إذا فاءوا. . ., من كتاب قتال أهل البغي، السنن الكبرى ٨/ ١٨١. وابن أبي شيبة، في: باب في مسيرة علي وطلحة وعائشة، من كتاب الجمل. المصنف ١٥/ ٢٦٣، ٢٦٧، ٢٨٠، ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>