للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشرَةُ ثُقُوبٍ لِصَاحِبِ الخُمْسَيْنِ أربعةٌ تَصُبُّ في ساقِيَتِه، ولكلِّ واحدٍ من الآخَرَيْنِ ثلاثةٌ تَصُبُّ في ساقِيَتِه (٧٨). فإن كان النَّهْرُ لِعَشَرَةٍ، لِخَمْسةٍ منهم أرَاضٍ قَرِيبةٌ من أوَّلِ النَّهْرِ، ولِخَمْسَةٍ أراضٍ بَعِيدَةٌ، جُعِلَ لأصْحابِ القَرِيبَةِ خَمْسةُ (٧٩) ثُقُوبٍ، لكلِّ واحدٍ ثُقْبٌ (٨٠)، وجُعِلَ لِلْبَاقِينَ خَمْسةٌ، تَجْرِى في النَّهْرِ حتى تَصِلَ إلى أرْضِهِم، ثم تُقَسَّمُ بينهم قِسْمَةً أخرى. وإن أرَادَ أحَدُهُم أن يُجْرِىَ ماءَه في سَاقِيةِ غيرِه، لِيُقَاسِمَه في مَوْضِعٍ آخَرَ، لم يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُ؛ لأنَّه يَتَصَرَّفُ في سَاقِيَتِه، ويَخْرُبُ حَافَّتَها بغير إذْنِه، ويَخْلِطُ حَقَّه بحَق غيرِه على وَجْهٍ لا يَتَمَيَّزُ، فلم يَجُزْ ذلك. ويَجِىءُ على قَوْلنا: إنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ. أنَّ حُكْمَ الماءِ في هذا النَّهْرِ حُكْمُه في نَهْرٍ غيرِ مَمْلُوكٍ، وأنَّ الأسْبَقَ أحَقُّ بالسَّقْىِ منه، ثم الذي يَلِيه، على ما ذَكَرْنا؛ لأنَّه غيرُ مَمْلُوكٍ، فكان الأسْبَقُ إليه أحَقَّ به، كما لو كان في نَهْرٍ غيرِ مَمْلُوكٍ. ومذهبُ الشافِعِىِّ في هذا الفَصْلِ كلِّه على نحوِ ما ذَكَرْنا.

فصل: وإذا حَصَلَ نَصِيبُ إنْسانٍ في ساقِيَتِه (٨١)، فله أن يَسْقِىَ به ما شاءَ من الأرْضِ، سواءٌ كان لها رَسْمُ شُرْبٍ من هذا النَّهْرِ، أو لم يكُنْ. وله أن يُعْطِيَهُ مَنْ يَسْقِى به. وقال القاضِى، وأصحابُ الشافِعِىِّ: ليس له سَقْىُ أرْضٍ ليس لها رَسْمُ شُرْبٍ في (٨٢) هذا الماءِ؛ لأنَّ ذلك دَالٌّ على أنَّ لها قَسْمًا (٨٣) من هذا الماءِ، فرُّبما جُعِلَ سَقْيُها منه دَلِيلًا على اسْتِحْقاقِها لذلك، فيَسْتَضِرُّ الشُّرَكاءُ، ويَصِيرُ هذا كما لو كان له دارٌ بَابُها في دَرْبٍ لا يَنْفُذُ، ودَارٌ بَابُها في دَرْبٍ آخَرَ، ظَهْرُها مُلَاصِقٌ لِظَهْرِ دارِه الأُولَى، فأرَادَ تَنْفِيذَ إحْدَاهما إلى الأُخْرَى، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يَجْعَلُ لِنَفْسِه اسْتِطْرَاقًا من كلِّ واحِدَةٍ


(٧٨) في ب، م: "ساقية له".
(٧٩) سقط من: ب، م.
(٨٠) في الأصل: "نهر".
(٨١) في ب، م: "ساقية".
(٨٢) في الأصل: "من".
(٨٣) في ب، م: "قسمان". وفى الأصل: "قسم". ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>