للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى أرْبَعَ رَكعَاتٍ، وسَجْدَتَيْنِ، في كل رَكْعَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، والدَّارَقُطْنِىُّ (٢٧)، بإسْنادِه عن طَاوُسٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال ابنُ المُنْذِرِ: ورَوَيْنا عن عليٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، أنَّهما صَلَّيا هذه الصَّلاةَ. وحُكِىَ عن إسْحاقَ أنَّه قال: وَجْهُ الجَمْعِ بين هذه الأحادِيثِ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما كان يَزِيدُ في الرُّكُوعِ إذا لم يَرَ الشَّمْسَ قد انْجَلَتْ، فإذا انْجَلَتْ سَجَدَ، فمِن ها هُنا صارَتْ زِيَادَةُ الرَّكَعاتِ، ولا يُجَاوِزُ أرْبَعَ رَكَعاتٍ في كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لأنَّه لم يَأْتِنَا عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أكْثَرُ من ذلك.

فصل: وصَلَاةُ الكُسُوفِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَها، وأمَرَ بها، وَوَقْتُها مِن حين الكُسُوفِ إلى حين التَّجَلِّى، فإن فاتَتْ لم تُقْضَ؛ لأنَّه رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذَا رَأَيْتُمْ ذلِكَ فَافْزَعُوا إلى الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِىَ" (٢٨). فجَعَلَ الانْجِلاءَ غايَةً لِلصلاةِ. ولأنَّ الصلاةَ إنَّما سُنَّتْ رَغْبَةً إلى اللهِ في رَدِّها، فإذا حَصَلَ ذلك حَصَلَ مَقْصُودُ الصلاةِ. وإن انْجَلَتْ وهو في الصلاةِ أتَمَّها، وخَفَّفَها. وإن اسْتَتَرَتِ الشَّمْسُ والقَمَرُ بالسَّحَابِ، وهما مُنْكَسِفَانِ، صَلَّى؛ لأنَّ الأصيْلَ بَقاءُ الكُسُوفِ. وإن غابَتِ الشَّمْسُ كَاسِفَةً، أو طَلَعَتْ على القَمَرِ وهو خَاسِفٌ، لم يُصَلِّ؛ لأنَّه قد ذَهَبَ وَقْتُ الانْتِفاعِ بِنُورِهما. وإن غابَ القَمَرُ لَيْلًا، فقال


= أما حديث عائشة فقد أخرجه مسلم، في: باب صلاة الكسوف، من كتاب صلاة الكسوف. صحيح مسلم ٢/ ٦٢١.
(٢٧) أخرجه مسلم، في: باب صلاة الكسوف، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم ٢/ ٦٢٠. والدارقطني، في: باب صفة صلاة الخسوف والكسوف وهيئتها، من كتاب الكسوف. سنن الدارقطني ٢/ ٦٣.
(٢٨) أخرجه البخاري، في: باب الدعاء في الخسوف، من كتاب الكسوف. صحيح البخاري ٢/ ٤٨، ٤٩. ومسلم، في: باب ما عرض على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، وباب ذكر النداء بصلاة الكسوف "الصلاة جامعة"، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم ٢/ ٦٢٢، ٦٣٠. وأبو داود، في: باب من قال: أربع ركعات، من كتاب الاستسقاء. سنن أبي داود ١/ ٦١٩. والنسائي، في: باب نوع آخر، من كتاب الكسوف. المجتبى ٣/ ١١٠، ١١١. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣١٨، ٣٤٩، ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>