للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا أخْرَجَ المتاعَ من بيتٍ في الدَّارِ أو الخانِ إلى الصَّحْنِ، فإن كان بابُ البيتِ مُغْلَقًا، ففَتحَه أو نَقَبَه، فقد أخْرَجَ المتاعَ من الحِرْزِ، وإن لم يكُنْ مُغْلقًا، فما أخرجَه من الحِرْزِ. وقد قال أحمدُ: إذا أخْرجَ (٩٣) المتاعَ من البيتِ إلى الدَّار، يُقْطَعُ. وهو محمولٌ على الصُّورَةِ الأُولَى.

فصل: قال أحمدُ: الطَّرَّارُ سِرًّا يُقْطَعُ، وإن اخْتلَسَ لم يُقْطَعْ. ومعنى الطَّرَّارِ: الذي يَسْرِقُ من جَيْبِ الرَّجُلِ أو كُمِّه أو صُفْنِه (٩٤)، وسواءٌ بَطَّ (٩٥) ما أخَذَ منه المسروقَ، أو قَطَعَ الصُّفْنَ فأخذَه، أو أدخلَ يدَه في الجيبِ فأخذَ ما فيه، فإنَّ عليه القَطْعَ. ورُوِىَ عن أحمدَ، في الذي يأخذُ من جَيْبِ الرَّجُلِ وكُمِّه: لا قَطْعَ عليه. فيكونُ في ذلك رِوَايتان.

فصل: وإذا دَخَلَ السَّارِقُ حِرْزًا، فاحْتلبَ لَبَنًا من ماشِيَةٍ، وأخْرَجَه، فعليه القَطْعُ. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه من الأشياءِ الرَّطْبَةِ. وقد مضَى الكلامُ معه في هذا. وإن شَرِبَه في الحِرْزِ، أو شَرِبَ منه ما يَنْقُصُ النِّصَابَ، فلا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه لم يُخْرِجْ من الحِرْزِ نِصابًا. وإن ذَبَحَ الشاةَ في الحِرْزِ، أو شَقَّ الثَّوْبَ، ثم أخْرَجَهما، وقيمتُهما بعدَ الشَّقِّ والذَّبْحِ نِصَابٌ، فعليه القَطْعُ. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا قَطْعَ عليه في الشَّاةِ؛ لأنَّ اللحمَ لا يُقْطَعُ عنده بِسَرِقَتِه، والثَّوْبُ إن شُقَّ أكْثَرُه، فلا قَطْعَ فيه؛ لأنَّ صاحبَه مُخَيَّرٌ بينَ أنْ يُضَمِّنَه قيمةَ جَميعِه، فيكونَ قد أخرجَه وهو مِلْكٌ له. وقد تقدَّمَ الكلامُ معه في هذه الأُصولِ. وإن دخلَ الحِرْزَ فابْتلعَ جَوْهَرَةً وخرَجَ، فلم تَخْرُجْ؛ فلا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه أتلفَها في الحِرْزِ، وإن خرجَتْ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، يجبُ؛ لأنَّه أخرجَها في وعائِها، فأشْبَهَ إخْراجَها في كُمِّه. والثانى، لا يجبُ؛ لأنَّه ضَمِنَها بالبَلْعِ، فكان إتْلافًا لها، ولأنَّه مُلْجَأٌ إلى


(٩٣) في م: "خرج".
(٩٤) الصفن، بالفتح: الكيس. وبالضم: وعاء من جلد كالسفرة يجعل فيه أهل البادية زادهم.
(٩٥) في م: "بطل".

<<  <  ج: ص:  >  >>