للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَبَاتِ شَجَرٍ لِصَاحِبِ الأَرْضِ أو زَرْعٍ، أو لم يُؤثِّرْ؛ فإنَّ الحُكْمَ فى قَطْعِه والصُّلْحِ عليه كالحُكْمِ فى الفُرُوعِ، إلَّا أن العُرُوقَ لا ثَمَرَ لها، فإن اتَّفَقَا على أنَّ ما نَبَتَ من عُرُوقِهَا لِصَاحِبِ الأَرْضِ، أو جُزْءٍ مَعْلُومٍ منه، فهو كالصُّلْحِ على الثَّمَرِ فيما ذَكَرْنَا، فعلَى قولِنا، إذا اصْطَلَحَا على ذلك، فمَضَتْ مُدَّةٌ، ثم أبَى صَاحِبُ الشَّجَرَةِ دَفْعَ نَبَاتِها إلى صَاحِبِ الأَرْضِ، فعليه أَجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّه إنَّما تَرَكَهُ فى أرْضِه لهذا، فلما لم يُسَلِّمْه (٢٩) له، رَجَعَ بأَجْرِ المثل، كما لو بَذَلَها بِعَوضٍ فلم يُسَلِّمْ له. وكذلك الحُكْمُ فى مَن مَالَ حَائِطُه إلى هَوَاءِ مِلْكِ غيرِه، أو ذَلِقَ من أخْشَابِه إلى مِلْكِ غيرِه، فالحُكْمُ فيه على ما ذَكَرْنَا.

فصل: وإذا صَالَحَهُ على المُؤَجَّلِ ببعضِه حَالًّا، لم يَجُزْ، كَرِهَهُ زَيْدُ بن ثَابِتٍ، وابنُ عُمَرَ -وقال: نَهَى عُمَرُ أن تُبَاعَ العَيْنُ بالدَّيْنِ- وسَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، والقَاسِمُ، وسَالِمٌ، والحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، والثَّوْرِيُّ، وابنُ عُيَيْنَةَ، وهُشَيْمٌ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ. ورُوِى عن [ابن عَبَّاسٍ] (٣٠)، والنَّخَعِىِّ، وابن سِيرِينَ، أنَّه لا بَأْسَ به. وعن الحَسَنِ وابنِ سِيرِينَ، أنَّهما كانا لا يَرَيَانِ بَأْسًا بالعُرُوضِ (٣١) يَأْخُذُها من حَقِّه قبلَ مَحَلِّه؛ لأنَّهما تَبَايَعَا العُرُوضَ بما فى الذِّمَّةِ، فصَحَّ، كما لو اشْتَرَاهَا بِثَمَنِ مِثْلِها. ولعل ابنَ سِيرِينَ يَحْتَجُّ بأنَّ التَّعْجيلَ جَائِزٌ، والإِسْقَاطَ وَحْدَه جَائِزٌ، فجازَ الجَمْعُ بينهما، كما لو فَعَلَا ذلك من غير مُوَاطَأةٍ (٣٢) عليه. ولَنا، أنّه يَبْذُلُ القَدْرَ الذى يَحُطُّه عِوَضًا عن تَعْجِيلِ ما فى ذِمَّتِه، وبَيْعُ الحُلُولِ والتَّأْجِيلِ لا يجوزُ، كما لا يجوزُ أن يُعْطِيَهُ عَشَرَةً حَالَّةً بِعِشْرِينَ مُؤَجَّلَة، ولأنَّه يَبيعُه عَشَرَةً بِعِشْرِينَ، فلم يَجُزْ، كما لو كانت مَعِيبَةً، ويُفَارِقُ ما إذا كان من غيرِ مُوَاطَأَةٍ ولا عَقْدٍ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما مُتَبَرِّعٌ بِبَذْلِ حَقِّه من غير


(٢٩) فى ب: "يسلم".
(٣٠) سقط من: الأصل.
(٣١) فى أ، ب، م زيادة: "أن".
(٣٢) فى م: "وطأة".

<<  <  ج: ص:  >  >>