للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولم يُفَرِّق الْخِرَقِىُّ بين كَوْنِ الكافرِ ذِمِّيًّا أو غيرَه، إلَّا أنَّه يتَعَيَّنُ التَّفْريقُ فيه، فمتى رَمَى إلى حَرْبِىٍّ في دار الحَرْبِ، فأسْلَم قبلَ وُقُوعِ الرَّمْيةِ به، فلا دِيَةَ له، وفيه الكَفَّارةُ؛ لأنَّه رَمْىٌ مَنْدُوبٌ إليه، مأْمورٌ به، فأشْبَهَ ما لو قَتَلَه في دارِ الحربِ يَظُنُّه حَرْبِيًّا، وكان قد أسلمَ وكَتَم إسلامَه. وفيه روايةٌ أُخْرَى، أنَّ فيه الدِّيَةَ على عاقِلةِ الْقاتلِ؛ لأنَّه نَوْعُ خَطَإٍ، فكذلك ههُنا. ولو رَمَى مُرْتَدًّا في دارِ الإِسلامِ، فأسْلمَ ثم وَقَعَ السهمُ به، ضَمِنَه؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ بإرْسالِ سَهْمِه عليه؛ لأنَّ قَتْلَ المُرْتَدِّ إلى الإِمامِ، لا إلى آحادِ الناسِ، وقَتْلُه بالسَّيْفِ لا بالسَّهْمِ.

فصل: ولو رَمَى حَرْبِيًّا، فتَتَرّسَ بمُسْلِمٍ، فأصَابَه فقَتَلَه، نَظَرْنا؛ فإن (٧) تتَرَّسَ به بعدَ الرَّمْىِ، ففيه الكَفَّارةُ، وفى الدِّيَةِ على عاقِلَةِ الرامِى رِوايتان، كالتى قبلَها، وإن تترَّسَ به قبلَ الرَّمْىِ، لم يَجُزْ رَمْيُه، إلَّا أن يخَافَ على المسلمينَ، فيَرْمِىَ الكافِرَ، ولا يَقْصِدُ المُسْلِمَ، فإذا قَتَلَه، ففى دِيَتِه أيضًا رِوَايتان، وإن رَمَاهُ من غيرِ خَوْفٍ على المسلمين (٨) فقَتَلَه، فعليه دِيَتُه؛ لأنَّه لم يَجُزْ له رَمْيُه.

فصل: ولو قَطَعَ يَدَ عبدٍ، ثم أُعْتِقَ ومات، أو يَدَ ذِمِّىٍّ، ثم أسْلَمَ ومات، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، الواجبُ دِيَةُ حُرٍّ مسلمٍ، لوَرَثَتِه ولِسَيِّدِه منها أقلُّ الأمْرَينِ من دِيَتِه أو أرْشِ جِنايَتِه، اعتبارًا بحالِ اسْتِقْرارِ الجِنايةِ. وقال القاضي، وأبو بكرٍ: تجبُ قيمةُ العَبْدِ بالِغةً ما بَلَغَتْ، مَصْرُوفةً إلى السَّيِّدِ، اعْتبارًا بحالِ الجِنايةِ؛ لأنَّها المُوجِبَةُ (٩) للضَّمانِ، فاعْتُبِرَتْ حالَ وُجُودِها. ومُقْتَضَى قولِهما ضَمانُ الذِّمِّىِّ الذي أسْلَمَ بدِيَةِ ذمِّىٍّ، ويَلْزَمُهُما على هذا أن يَصْرِفاها إِلى وَرَثَتِه من أهلِ الذِّمَّةِ، وهو غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الدِّيَةَ لا تَخْلُو من أن تكونَ مُسْتَحَقّةً للمَجْنِىِّ عليه، أو لوَرَثَتِه؛ فإن كانت له، وَجَبَ أن تكونَ


(٧) في م زيادة: "كان".
(٨) في الأصل، أ، ب: "المسلم".
(٩) في م: "الموجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>