للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ منصُورٍ، وهو اخْتِيارُ أبى بكرٍ. والصَّحِيحُ الأَوَّلُ؛ لأنَّها مُكْرَهَةٌ على الوَطْءِ الحَرَامِ، فوَجَبَ لها المَهْرُ، كالبِكْرِ، ويَجِبُ أرْشُ البَكَارَةِ مع المَهْرِ، كما قَدَّمْنَا.

فصل: إذا أَجَرَ الغاصِبُ المَغْصُوبَ، فالإِجَارَةُ باطِلَةٌ، على إِحْدَى الرِّوَاياتِ، كالبَيْعِ، ولِمَالِكِه تَضْمِينُ أيِّهما شَاءَ أَجْرَ مِثْلِها، فإن ضَمَّنَ المُسْتَأْجِرَ، لم يَرْجِعْ بذلك، لأنَّه دَخَلَ في العَقْدِ على أنَّه يَضْمَنُ المَنْفَعَةَ، [إلَّا أن يَزِيدَ أَجْرُ المِثْلِ على المُسَمَّى في العَقْدِ، فيَرْجِعَ بالزِّيَادَةِ] (١٤) ويَسْقُطَ عنه المُسَمَّى في العَقْدِ. وإن كان دَفَعَهُ إلى الغاصِبِ، رَجَعَ به. وإن تَلِفَتِ العَيْنُ في يَدِ المُسْتَأْجِرِ، فلِمَالِكِها تَغْرِيمُ مَن شاءَ منهما قِيمَتَها، فإن غَرَّمَ المُسْتَأْجِرَ فله الرُّجُوعُ بذلك على الغاصِبِ؛ لأنَّه دَخَلَ معه على أنَّه لا يَضْمَنُ العَيْنَ، ولم يَحْصُلْ له بَدَلٌ في مُقَابَلَةِ ما غَرِمَ، هذا إذا لم يَعْلَمْ بالغَصْبِ، وإن عَلِمَ لم يَرْجِعْ على أحَدٍ؛ لأنَّه دَخَلَ على بَصِيرَةٍ، وحَصَلَ التَّلَفُ في يَدِه، فاسْتقَرَّ الضَّمانُ عليه. وإن غَرَّمَ الغاصِبَ الأَجْرَ والقِيمَةَ، رَجَعَ بالأَجْرِ على المُسْتَأْجِرِ على كلِّ حالٍ، ويَرْجِعُ بالقِيمَةِ إن (١٥) كان المُسْتَأْجِرُ عالِمًا بالغَصْبِ، وإلَّا فلا. وهذا قولُ الشّافِعِىُّ، ومحمدِ بن الحَسَنِ، في الفَصْلِ كله. وحُكِىَ عن أبي حنيفةَ أنَّ الأَجْرَ للغاصِبِ دون صَاحِبِ الدّارِ. [وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ الأَجْرَ عِوَضُ المَنافِعِ المَمْلُوكَةِ لِرَبِّ الدّارِ] (١٦)، فلم يَمْلِكْها الغاصِبُ، كعِوَضِ الأَجْزاءِ.

فصل: وإن أَوْدَعَ المَغْصُوبَ، أو وَكَّلَ رَجُلًا في بَيْعِه، ودَفَعَهُ إليه، فتَلِفَ في يَدِه، فلِلْمالِكِ تَضْمِينُ أيِّهما شاءَ؛ أمَّا الغاصِبُ فلأنَّه حالَ بين المالِكِ وبين مِلْكِه، وأَثْبَتَ اليَدَ العادِيَةَ عليه، والمُسْتَوْدعُ والوَكِيلُ لإِثْبَاتِهِمَا أَيْدِيهِما على مِلْكٍ مَعْصُومٍ بغير حَقٍّ. فإن غَرَّمَ الغاصِبَ، وكانا غيرَ عَالِمَيْنِ بالغَصْبِ، اسْتقَرَّ الضَّمَانُ عليه، ولم يَرْجِعْ على أحَدٍ، وإن غَرَّمهما رَجَعَا على الغاصِبِ بما غَرِمَا من القِيمَةِ والأَجْرِ؛ لأنَّهما دَخَلَا


(١٤) سقط من: الأصل، ب.
(١٥) في ب: "وإن".
(١٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>